رياض الزهراء العدد 140 شمس خلف السحاب
مُنْجِي الهَلَكَة
من المتفق عليه حينما يمنحنا شخص هدية، فإننا غالباً ما نحافظ عليها أشدّ محافظة، ونهتم بها كلّ الاهتمام، وقد نبقيها في علبتها حرصاً على ديمومتها، وقد يختلف نوع الهدية فتكون مادية أو معنوية، تحفة نادرة أو تكون مجرد كلمات تبعث في نفوسنا الأمل والتفاؤل. لكننا نبقى على كلّ حال نتحيّن الفرص لنردّ الهدية بطريقة مشابهة وربّما أفضل منها تعبيراً عن امتناننا واحترامنا، هذا كلّه إذا كانت الهدايا تتهادى بين عامة الناس، فماذا لو كان مصدر العطاء أشرف، والهدايا أثمن، وكانت مرسلة من ربّ البشر إلى العباد؟! فكيف سيكون وجه شكرنا إليه (عزّ وجل)، وبأيّ طريقة سنردّ إليه ذلك العطاء؟! ونِعمُ الله لا تعدّ ولا تُحصى. وقد تربط الناس بعض المصالح والمنافع، فيتهادون فيما بينهم وفق تلك الحسابات، فكيف بمَن يُعطي مَن سأله ومَن لم يسأله؛ تحنّناً منه ورحمة؟! إنّ هبات الخالق وهداياه وعطاياه لا تُقارن بعطاء إطلاقاً، وكان من أجزل عطاياه العظيمة مَنِّه علينا بنبيّنا محمد (صل الله عليه وآله) وآله الأطهار (عليهم السلام)، وجعلهم للخلق سراجاً يُهتدى بهم من الظلمات إلى النور. فكانوا باب الله (عزّ وجل) الذي منه يؤتى، وقد منحوا الوجود صورة الإسلام، وجسّدوا معالم الحق والفضيلة، وأنجوا العباد من الذل والعبودية والهلكة. فعن ابن عباس قال: قال رسول الله (صل الله عليه وآله): لما عُرِج بي إلى ربّي جل جلاله أتاني النداء: «..وأعطيتك أن أخرج من صلبه أحد عشر مهدياً كلّهم من ذريتك من البكر البتول، وآخر رجل منهم يصلي خلفه عيسى بن مريم، يملأ الأرض عدلاً كما مُلئت منهم ظلماً وجوراً، أنجي به من الهلكة..».(1) تُرى.. إلى أيّ مدى حافظنا على هدايا الله تعالى؟ وكيف رددناها امتناناً قولاً وفعلاً؟! وكيف عَبّدنا الطريق للظهور الميمون؟ ............................................ (1)كمال الدين وتمام النعمة: ص251.