رياض الزهراء العدد 141 همسات روحية
صَلَاةُ اللَّيلِ وَحَلَاوَةُ القُرْب
السؤال: إنني منذ كنت صغيرة، كانت صلاة الليل من الواجبات الّتي أعتدت القيام بها، وكنتُ أداوم عليها خصوصاً حينما كانت لي غرفة لوحدي، فكنت أقضي الليل بالعبادة والتهجّد، أمّا الآن فإنّ كثيراً ما تفوتني الصلاة الواجبة، وفي بعض الأوقات أقضيها، وأحسّ بأنّ الله (عزّ وجل) لا يحبّ أن يسمع صوتي كما هو مذكور في دعاء أبي حمزة الثمالي.. ماذا أفعل كي يعود جانبي الروحي المفقود، فإنني أحسّ بهبوط شديد من هذا الجانب؟! مضمون الردّ: إنَّ مِن نعم الله على العبد أن يُمنح مثل هذا الإقبال في سنّ مبكرة؛ لأنّ المتعارف في سنِيْ المراهقة هو الانشداد نحو العالم الذي يناسب المراهقة من قبيل الاستمتاع مع ما يحبّ الأقران، وهذا أمر لا ينكره كلّ من مرّ في هذه المرحلة الحرجة من الحياة، وأمّا أن يفكّر العبد في مثل ما ذكرت فإنه أمرٌ طارئ، ولعلّ هنالك بعض الأسباب الغيبيّة منها: جهة الطينة، أو دعوات الوالدين، أو قيام الفرد نفسه بعمل صالح رضي عنه الربّ، أو تأثير البيئة الاجتماعية وما شابه ذلك من الأمور الّتي لا نعلم ضابطاً دقيقاً لها.. وعليه فما دمتم قد رُشحتّم لهذه المنزلة، فلابدّ من الحفاظ على موجباتها، ومنها محاولة تكلّف الأجواء المفقودة، فإنّ سياسة ربّ العالمين قائمة في بعض الأحيان على تذويق العبد حلاوة القرب منه، ثم سلبها منه ليرى مدى سعيه في متابعة تلك اللذائذ المعنوية، فما يعطاه العبد يكون من قبيل الطعم لا الطعام وذلك إغراء له للدخول في هذا الحقل، فيظن العبد أنَّ هذا رزقه الثابت، والحال أنّ الأمر لم يكن من الأول إلّا إغراءً، لفتح شهيّة العبد على عالم جديد!.. ومن المعلوم أنّ العدوّ اللدود لكلّ هذه التوفيقات، هو القيام بما يسخط المولى بشكل متكرّر، فإنّ اجتماع الصغائر يحوّل الأمر إلى كبيرة موبقة!