رياض الزهراء العدد 141 الحشد المقدس
نَشِيدُ الخُلُود
سأحملُ روحي علَى راحتِي وأُلقي بِها في مَهاوِي الرَّدى فأمّا حياةٌ تسرّ الصديق وأمّا مماتٌ يغيضُ العِدا قالها مرتدياً بدلته العسكريّة، ودّعني وكان حاملاً بندقية, أوصى أمّي أن احرسي بيتي إذا ساقت الريح الغيوم، وغار ضوء القمر، وارعي صغاري فأنا في سفر وسفرتي طويلة المشوار، أقلع فيها الشوك عن طريقكم وأزرع السنابل, وأنثر الورود من بنادق الجحافل, وأدقّ القهوة السمراء من بارودها, وأسقيها الضيوف, فتمتلئ بها مضايف البواسل، فإذا طال الفراق, وآلت الشمس منّي للمغيب, وتضرجت منّي الأراضي بالدماء، وتضوّعت بالمسك منّي كربلاء, وتكلّلت بالغار أسراب الطيور لتحمل الروح المطهّرة الزكيّة، فأقرئي أمّي السلام, وأبلغي والديّ عنّي التحيّة, واسأليه بأن: هل قد وفى ذاك الذي علّمته أنَّ المبادئ جعفرية؟ أمي، وهل قد وفى ذاك الذي علّمته أنّ الكرامة حيدرية؟ عذراً أبا الأحرار، جلّ هديتي لك والدي مَن كان يحميني ويجبر خاطري, وها أنا ذا أحاول طبع صورته الجميلة بداخلي لأبرهن أنه ما مات، بل أحيا بميتته الضمائر، وأنَّ أبي نبراس مجد للسواتر، وأنَّ أبي أنشودة الأمّ في مهد الوليد تفاخرت به كلّ الحرائر، واليوم في مدرستي كلُّ أناديه أبي، حتّى أنا صرت أبي، حتّى اليراعة والمقاعد والدفاتر، حتّى الكنائس والجوامع والشعائر، حتّى فرات الخير ودّع جرفه، ورمى بنفسه في نار نمرود السعيرة، فهوت تقبّل دجلة منه الجبين، وأكملت عنه المسيرة، وأمّا النخيل فقالها لا، أنا لا أساوم، أنا لن أبيع العزّ والشرف المصون، وأمّا الشهيد فأسكنته حدق العيون، حتّى النخيل قالها مرتدياً بدلته العسكريّة، ودّعني وكان حاملاً لبندقيّة.