رياض الزهراء العدد 141 منكم وإليكم
الزَّهْرَاءُ (عليها السلام) مَدْرَسَةٌ مُتَكَامِلَة الأبْعَادِ
ارتشفت من عالم الملكوت رحيق البهاء, شريفة النسب، طاهرة المولد، الأب محمّد بن عبد الله المبعوث رحمةً للعالمين، وكفى بذلك فخراً، والأم خديجة بنت خويلد الّتي تميّزت بمواقفها المشرّفة قبل الإسلام وبعده، وبذلت كلّ ما تملك لعزة الإسلام، فحباها الله تعالى بالمكانة الرفيعة، فهي وُلدت من أكرم أبوين عرفهما التاريخ البشري، ولم يكن لأحدٍ من البشر ما لأبيها من الفضل والكرامة والآثار، أبو الزهراء محمد رسول الله (صل الله عليه وآله) الذي كان يتطلّع إلى غدٍ مشرق ألا وهو تبليغ الرسالة السماوية فكانت حادثة المعراج الّتي أذن الله (عزّ وجل) فيها لرسوله الأكرم (صل الله عليه وآله) بالعروج إلى ملكوت السماء، ويتأهّب لتلقّي الرسالة المفعمة بالأمل. ولقد روى الفريقان السنة والشيعة أنّ رسول الله (صل الله عليه وآله) وطِئ الجنة ليلة المعراج، فناوله جبرائيل (عليه السلام) فاكهةً من الجنة، وانعقدت نطفتها من تلك الفاكهة، فهي المولودة المباركة والبشارة الكبرى، وهي فاطمة الزهراء (عليها السلام) الّتي كانت إذا وقفت في محرابها للصلاة تزهر لأهل السماوات كما تزهر النجوم لأهل الأرض، وكانت أمّاً لأبيها، وصوتها الحاني كان على نفسه كنسيم هواء عليل، إذ كانت تقوم بدور التربية والتعليم والتوجيه للنساء والرجال عن طريق النساء، وأصبحت مسؤوليتها أكبر وأخطر بعد وفاة الرسول (صل الله عليه وآله)؛ لأنَّه مثَّلَ بداية الجهاد والاستشهاد ضدّ الاستبداد والديكتاتورية، واستمر إلى أبنائها وذريتها، فكان جهاد الحسين (عليه السلام) امتداداً للوقفة الفاطمية الخالدة بوجه الانحراف والعدول عن الدين الإسلامي، والإسلام ظلَّ محفوظاً بفضل وجودها ووجود أئمّة الهدى (عليهم السلام) حتّى ظهور صاحب العصر والزمان (عجل الله تعالى فرجه الشريف).