رياض الزهراء العدد 141 ألم الجراح
إِيمَانٌ ونَصْر
أطأ الثرى رويداً رويداً.. خوفاً من أن تنمحي خطواتها.. أخفتّ صوتي.. خوفاً من أن يعلو فتتلاشى ترانيم دعائها.. الّتي تسكن بنغماتها المخنوقة في صدر أمّ رؤوم.. ليصول في شرايين قلبي، ليحيا على الخير المنثور في أنفاسها.. قاسية وموجعة تلك اللحظات قبل الوداع.. ترى الأحزان تظلّل وجه قلب الوحي، المهضومة.. وألم ضلعها المكسور يعتصر قلبي بلا رحمة.. وروحي لروحها تحتضر.. فلا حديث يُطفئ جمراً، ولا بوح يخفّف ألماً.. فهبة الله تعالى مَن تستقي الألباب منها محاسنَ، فسلمت قلوب.. قد عدّت حبّها عوناً على أيام الشقاء، تئنّ كما يتوقّد الجمر.. ليصل أنينها إلى أرض سامراء، حيث الأمل الموعود.. الذي لأجله تحتبس الدموع.. إذ تنتشي المآذن عند السحر، وتسبّح في محاسن الكوثر المحمود.. ويندسّ بين ثنايا جدرانها وجع مكتوم.. يناغي فوج الملائك المعزّية لقلب الإمامين العسكريين (عليهم السلام).. ويواسي القلوب الحزينة بزفرات وآهات.. برجاء وحذر أجمع ما هطل من فيض رؤيتها كماء الوضوء يسكب الدرر.. فينشقّ البكاء فوق الأحداق، ليمنح النفس وميضاً يصدر ما تبقّى من وجع الدهر.. وكأنّ في البكاء طقوس عطر تنشر رائحة الذكريات.. ويرشقني موجّهاً برائحة الخشوع.. تحتضنّي برهافة نصر، وتمنحني قوة إيمانها الراسخ.. فتغريني بسمة أمل تنتظر النور من تلك المشكاة، فيوقد مصباح الحقّ بنوره الإلهي المهيب..