بَلْ وَجَدتُكِ

تبارك حيدر/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 144

حين انتهى كلّ ذلك الصبر والجلد.. غاص الأمل بلهيب الآلام.. وحروقها غُرِست تمزّق الأحشاء.. وتجمّد الزمان من غير حِراك.. وظنّت الجدران أنها ارتدت ثياب الحزن الأبدي.. انبعث نور في الظلام، واعتلت على القباب موجة هانئة من الفرح.. ورشاش من السكينة، تنشر ظلالها الوارفة فوق مآذن سامراء.. تلاشت الأصوات المهلّلة والمكبّرة لله تعالى، لم يعد يُسمع شيءٌ سوى كلمات تنفذ إلى الأعماق، فتحيي نشوة فرح في القلوب.. (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ)(1).. الكوثر! الّتي تشرق لأجلها الشمس من بين الغيوم، لتغمر الأرجاء دفئاً ونوراً.. هي نبع سماوي للحنان في زمن الحرمان.. هي حورية، بل باقة ورد من الجنان.. زهراء تفتّحت للحياة، لتتشرّب كلمات الله تعالى، ويفوح منها عبير الوحي.. ملأ فضاء المراقد الطاهرة، وخيالها الملائكي الشفاف يطوف الأفلاك في صلاة وتعبّد لله تعالى.. تزخرفها من بهائها سروراً وبهجة.. فقد تنزلت بسرّها الإلهي على وجه العتبات المقدّسات كإكليل ورد.. نقاء على روض النقاء.. وأنا الحائرة الواقفة على أعتاب قداسة العسكريين الطاهرة.. وأمواج الحرمان تلاطمني، أُلملم نفسي فما وجدتُها.. بل وجدتك فاطمة الزهراء (عليها السلام)، أميّ.. تنتشليني وتُخرجيني من العدم.. ................................ (1) (الكوثر:1).