رياض الزهراء العدد 140 منكم وإليكم
عَلَى تَلَّةِ الانْتِظَار
أيّها الغائب عن العيون ولستَ بغائب، مثواك في قلوبنا وتحت طيّ الجفون، غيابك وجع مستديم يسكن الأضلاع، يجعل من أعمارنا رماداً تنثره رياح الحنين إلى عدلك، إلى دولتك الكريمة، وإلى كلّ ما وطئته قدماك من بقاع، فمتى تؤوب سيّدي لتُحيي أعمارنا من جديد، وتُدخل البسمة لكلّ قلب ما ألِفَ الضحكة منذ زمن بعيد، ومتى تحين ساعة ظهورك المرتقبة، التي تشرأبُّ لها أعناق الخلائق أجمعين، لقد غادرتنا الضحكات وخنقتنا العبرات، وازدلفت إلينا الفتن والبليّات منذ آلاف السنين، ولم يغادرنا الشوق لمحيّاك يا بن الطيبين.. آه.. آه.. وهل يخفى عليك أمر اشتياقنا ولهفتنا يا بن السادة الميامين؟! لا تزال جراحاتنا سخية تقطر دماً، كما لا نزال نحن على تلّة الانتظار واقفين، كلّ الأبصار ترنو إليكَ يا ثمالة الباقين ويا بقية الله في الأرضين. فهلّا أسعفتنا بنظرة منك يا منتهى الآمال، ويا وعد الله الذي خبّأه ليُعيد للأرض عافيتها ورونقها وصفاءها، إذن هبنا نظرة أبويّة يا مولاي، نستكمل بها كرامة اللُّقيا بك، والاستئناس ببهائك الموروث من أجدادك الصادقين، أو ليس في الاصطبار لوعة تفوق مديات طاقتنا يا سرّ الله المكنون؟ ها هي ذي جفوننا قد تقرّحت من دمع سكيب لم ينقطع، والقلوب المتيّمة بك لم يزل وجدها ساكناً مقيماً، ومن وجدها تتصدع، فامسح سيّدي على تلك القلوب الوالهة الحيرى، وامرر يديك الكريمتين على جروحنا النازفة، فإنّا قد رجوناك بلسماً وشفاءً. عهداً منّا -يا سيّدي يا أبا صالح- سنبقى نرابط على حدود الزمان والمكان لنتطلّع إلى قدومك الميمون، الذي سيغيّر وجه التاريخ والجغرافيا وكلّ معالم الكون، فاقبلنا في جندك، واجعلنا من حواريّيك وخلّانك، فالشوق لا تطفئ جمرته سوى قربك وحنانك.