رياض الزهراء العدد 80 شذرات إسلامية
أَنا والقَمَر
تحاورنا في ليلة مُقمِرة.. أنا والقمر تكلّم كلّ واحد منّا عن حبيبه.. قال القمرُ: تركت النهار للشمس تضيء فيه.. تأنس بالناس ويأنسون بها، وآثرت الليل للقاء الحبيب، اختلي به دون الخلق، فهم نيام وأنا متيم فيه.. قلت له: ما صفات حبيبك؟ قال لي: كمالٌ مطلق، رحمة وسعت كلّ شيء، جمالٌ تجلّى في كلّ شيء، قوةٌ قدرت على كلّ شيء، لطف نال من فيض كلّ شيء، ولولا تفضّله لما وُجد شيء.. قلت له: أتراك تحبّ حبيبي؟! هذه صفاته وأكثر منها بكثير.. قال لي: كذبت.. قلت له: ولِمَ؟ قال لي: أنست بغيره وتركتيه، وأحببت سواه وجفوتيه، وتعلّق قلبك بكلّ فانٍ، ونسيتِ أنه الباقي ولا يبقى شيء.. قلت له: ولكن أنا أحبّه.. دلّني ماذا أصنع، وكيف أكسب حبّه وأرضيه؟ قال لي: فرّغي قلبك من كلّ ما سواه، وأسكنيه فيه، واسهري ليلك تتغزّلي فيه، وصبّري نفسك في النهار شوقاً إلى الليل لتلاقيه.. قلت له: سأفعل ما تقول وأزيد عليه؛ لتوقن أن حبّي يفوق حبك له ويفنى فيه.. فربّي أمرَكَ بالسهر ليلاً؛ لتنيرَ فيه، واشتاق للقائي ولم يأمرني، ولكن أرسل لي صلاة الليل رسالة؛ لألقاه في الليل حباً منه لي.. سأجيب على رسالة شوق بصلاة الليل وأرضيه.