مَا بَينَ فَرَحٍ وَوَجَع

مريم حسين الحسن/ السعودية
عدد المشاهدات : 174

سلامٌ عليكِ يوم وُلدتِ.. في غسق الليل وضوء النهار.. سلام عليكِ يا مَن دثرتِ الأسرار.. همستِ بها للطير والعصافير.. سلامٌ عليكِ.. يا مَن اتسعت المساحات لكِ.. وضاقت روحكِ بها.. لم تكترثي لما قيل ولم تحزني.. فمضيتِ في طريقكِ.. وغضضتِ الطرف من أجل.. يتاماكِ.. مرضاكِ.. وعطاش المكان.. تقيمين الليل حتى الفجر.. تمسحين بأكفّك الرحيمة.. الطفولة الجزعة.. كالطيف تمرّين بهم.. لا يشعر بك الأعداء.. مَن مثل صبركِ والبقاء على العهد.. كطير تحلّقين تخلقين من الموت الوجود.. سلامٌ عليك سيّدتي.. سلامٌ على روحكِ وأبيكِ وأمكِ.. سلامٌ على آية العشق التي طابت بها الحياة.. أنا هنا في رحلة لم أعد لها.. وأشذّ عن طريقي خلسةً.. أصعد السلّم هاربةً من خريف الأيام.. وخيالي يضجّ بكلّ ما كان ولم يكن.. هنا أنا أدنو منك.. مسِّدي على أمنياتي بشفاعة.. وسكّني وجعي الذي يمرمر القلب. أقسم عليكِ بكلّ الأسماء التي مرّت بكِ.. بيوم مولدكِ ويوم رحيلكِ.. وما بينهما الموغل في السواد.. هنا منطق الحياة جحيم.. ويداي مغلولتان.. حقائبي فارغة، وطرقات تمتد وتطول.. بلا ثوب أملكه، أرحل من غربة إلى غربة.. تُسوِّل لي النفس الحضور إليكِ.. وليس لطريقكِ المعهود من دليل.. سوى نخلات باسقات عازفات عن الحزن والسرور.. في يوم مولدكِ يتلوّن ردائي.. وأعطّر السماء التي تظلّني.. وتمحو الساعات بي كلّ الظنون.. سيّدتي.. أنا هنا أقبض على الجمر.. لا مؤنسَ لي سوى أشباح أرواحكم.. وذلك الكساء يظلّني.. فأرخيه عليَّ متشبثةً بقدسيّة المكان.. أرشّ العطر في هذا اليوم.. وأرى ما خطّته يداكِ عبر الزمن.. غيومٌ وسماءٌ ممطرة.. ورملٌ تشبّع بخطوات الزائرين.. لا أنتِ هنا ولا أنتِ هناك.. ولا ظلّ نستظلّ به.. ولا ضوءَ في سواد النهار.. أقلّب وجهي ذات اليمين وذات الشمال.. علّني أمسك بكتابي، فلستُ أراه قريباً.. بل بعيدَ المنال.. سلامٌ عليكِ يوم مولدكِ.. ويوم المنتهى.. ويوم قدركِ الذي غرّبكِ طويلاً.. وأخفاكِ عنّا الزمان..