رياض الزهراء العدد 140 ألم الجراح
دُمُوعُ المَآذِن
ورجع أنينها خافتاً مع الزفرات.. فاخترقت أستار الزمن لتفتح قبراً للذكريات.. ما أكثر تلك الأوجاع التي تحويها تلكَ المآذن.. فيسقيها دمع الشروق، وفِي الغروب صيحات.. فأخضألّت بدموع السماء تقرع بها أبواب الرحمات.. ففلول الغدر عادت كجرذان بالردّى متلفّعات.. جاءت لتتم جريمة فاقت مدى كلّ التصورات.. وهاجت بدسائسها فتعدّدت في عهدهم ألوان الموبقات.. لفّت غبرتها الكئيبة مآذن العسكريين تبغي ضياع مجدها.. تسلبها -تعرّيها- تطعن المزن في السماء.. ترقد في ضريح القداسة بالويلات.. قد ملأوا النفوس مرارة وقيحاً حتى فاضت حزناً.. وهي ترى وهج الذهب المطهّر يخمد من مدنّس ومعفّر.. من وقت العفن آت.. فباتت كلّ الجفون مريرة عبراتها لتمنح المأذنة المنكوبة وميضاً متلألئة رجفته.. كما يتوقّد النار في الجمرات.. لكن عبرات المآذن الرقراقة لم تشتكِ وحشة الحياة وجهل الظلام.. بل شعشعت في سنا الثريا في صلوات.. فدموعها تئنّ لغياب الصالحين والصالحات.. تبكي لفقد الخاشعين منها.. وعمّارها الذاكرين الله (عزّ وجل) بالدعوات.. فمَن يمسح دمعها؟ ومَن يرفع حزنها؟