البَهْرَجَةُ

نور الهدى غفار كناوي/ بابل
عدد المشاهدات : 317

إنَّ البهرجة الزائدة في تزايدٍ مستمر ولا سيّما في الآونة الأخيرة, ولو حاولنا تشخيص سبب هذه الظاهرة نجد أنّ المرأة في اللحظة التي تخرج فيها من المنزل, فهي تجده متنفَّسها الوحيد من ضغط الحياة الأسرية والزوجية، فهي تقضي جلّ وقتها في الأعمال المنزلية، وتربية الأطفال، وتلبية طلبات زوج متطلّب قليل ما يسهم في مساعدتها في أي شيء يخص البيت عدا إنفاق المال، لكن المادة وحدها لا تبني حياة مستقيمة، فالمرأة تحتاج ولو ليومٍ في الشهر أن تخرج دون أطفالها مع شقيقاتها أو صديقاتها لتنفّس عن ضغوط الحياة وفق الضوابط الشرعية. في العراق وعكس باقي الدول نفتقر إلى وجود أماكن ترفيه مغلقة للنساء فقط، عكس دول الخليج التي خصّصت مدناً ترفيهية ومطاعم للنساء، فإذا كان مجتمعنا يسير بنظامٍ معين والحياة في تطوّرٍ مستمر، حريّ بنا تطويرها بما يواكب تطوّر العصر ومتطلّباته ضمن إطار الشريعة الإسلامية حتّى لا تميل المرأة إلى خلط الترفيه مع الدراسة مثلاً، فتذهب إلى الجامعة بزينة الحفلة. كما يجب تشجيع المرأة على الاهتمام بنفسها، فكثير ما نرى نساءً بعد ولادة طفلين تزداد سمنة بشكلٍ غير صحي؛ ممّا سيؤثر في حياتها الصحية المستقبلية، فتجدها تتصرّف كالعجوز ما إن دخلت الأربعين من العمر، وتُصاب بشتى الأمراض المزمنة ما إن تدخل الخمسين. فحتّى تعيش المرأة بشكل أفضل يجب إعطاؤها مساحة خاصة للاهتمام بنفسها، ويجب أن يُسهم الزوج في هذا الدور، ولنا في أهل البيت (عليهم السلام) أسوة حسنة, فالإمام عليّ (عليه السلام) كان يُساعد السيّدة الزهراء (عليها السلام) في شؤون المنزل دون أن يخجل بل يجده مشرّفاً، وحين توفّي الرسول وأصابها الحزن منحها مساحتها الخاصة للحزن دون تذكيرها بأنَّ عليها واجبات يجب أن تقوم بها على الرغم من همِّها، حتّى صنع لها بيتاً للأحزان، تلك هي العلاقة الطيبة الودودة التي نطمح أن يُرتقى لها، لتكف المرأة عن التبهرج في مكان العمل؛ لأنّه متنفّسها الوحيد، وتكف عن المبالغة في العصبية لأتفه الأسباب بسبب الضغط المفرط وكثرة الأعباء التي تتعرّض لها؛ لذلك في أول دعوة لحفلة تكاد تضع كلّ الزينة التي تملكها لتنفّس عن الحرمان الذي تعيشه وبسبب الضغط الكبير تلتجئ المرأة للإهمال، فهي إن لم تستطع بطاقتها وقدرتها مجارات كلّ هذه الأعباء تركتها دون اكتراث كرد فعل نفسي لاشعوري. لتجد المرأة متنفّساً يجب تشجيعها على الدورات التثقيفية التي تقيمها بعض المنظّمات، فهي متنفس لها وأيضاً تُساعد على تنمية قدرات المرأة وتسهم في زيادة حصيلتها من الثقافة المفيدة. تشجيع المرأة على الالتحاق بنادي رياضي نسائي مع مراعات الحشمة, خصوصاً بعد الإنجاب لمدّة شهر أو شهرين لتستعيد صحة جسدها، وتتخلّص من اكتئاب ما بعد الولادة الذي يُصيب معظم النساء، طبعاً لن تحصل على ساعة لنفسها ما لم يُساعدها الزوج والأم والأخت. ربّما قد يجد البعض هذه الأمور ترفاً زائداً للنساء، لكن ذلك سيُعالج المشاكل ويجعل المرأة أكثر سكينة ورزانة, وهذا سينعكس على تربية أطفالها وعلاقتها بزوجها ويجنّبها إملاء وقتها بمواقع التواصل وما يُنشر من أمور تضيّع الوقت وتفسد التفكير، فتقوية شخصية المرأة يجعلها متينة أمام الأفكار التافهة والأمور المنحرفة.