رياض الزهراء العدد 139 الملف التعليمي
ابْنِي يَسْرِقُ زُمَلاءَهُ
دخل ابني عامه السابع وقد أصبح في الصف الثاني, وبداية كلّ عام أقوم بتجهيزه بكلّ مستلزماته المدرسية. بعد مرور شهرين من الدوام لاحظت عند ابني حاجيات لم أشترها له، ولم أكلّف نفسي بأن أسأله من أين لك هذا؟ أقنعت نفسي بأنه قد يكون اشتراها من مصروفه الخاص الذي أعطيه إياه، وفرحت وقلتُ: إنّ ابني مدبّر وبدل أن يضيع مصروفه في شراء الحلويات والمعجنات والمشروبات يشتري ما يفيده. مرّت الأيام وإذا أنا أمام صدمة، ابني لديه حاجيات كثيرة وقسم منها يحتاج إلى مبالغ كبيرة لشرائها، هنا استجمعت نفسي وسألته من أين لك هذا؟ أخذ يتلعثم بالكلام وقال: إنّها هدايا من أصدقائي، فقلت: ومن هم؟ أنا اعرفهم جميعاً، وما المناسبة؟ ثم قال: لا سوف ألعب بها وأرجعها لهم، قلتُ: هذه أشياء لا يلعب بها وإلّا تلفت. وبعد جهد جاهد اعترف لي بأنّه يأخذها من زملائه ولا يرجعها لهم، قسم على سبيل الاستعارة وقسم يأخذها خلسة من حقائبهم، هنا أدركت أنّي في مشكلة كبيرة وتحتاج إلى اتخاذ حلٍّ سريع ولكن بتعقّل، وأدركت أنّي قد قصّرت ولم أتحرّى عن الأمور التي شاهدتها لديه من قبل، جلستُ معه وأفهمته وقلت له: يا ولدي إنّ الذي يأخذ حاجات غيره دون أستاذان هو فعل محرّم ويُعد بمصاف السرقة، وكذلك إذا أعطاك شخص شيئاً عليك إرجاعه سليماً، وبعكسه يعاقبكَ الله تعالى عليه. قال: أنا في ورطةٍ ولا أستطيع إرجاعها لأنَّهم سوف ينعتوني بالسارق، قلتُ له: لا يا ولدي عليك إرجاعها والاعتذار من زملائك، واشرح لهم بأنّك نادم على ما فعلت؛ فالاعتراف بالخطأ فضيلة. علينا تعليم أولادنا بأنّهم إذا استعاروا من زملائهم شيئاً عليهم إرجاعه كما أخذوه منهم، باعتباره أمانة، وأنَّ حاجات كلّ شخص تخصّه وعلينا عدم مسّها أو أخذها دون علمهم؛ لأنَّ ذلك يُعدُّ سرقةً, وعقوبة السارق في الإسلام قطع اليد والقانون يحاسب عليها كذلك، ولجوء الأولاد إلى هذه الطرائق نابعٌ من حبِّ التملّك أو الحرمان من قبل الأهل, أو حب الاستحواذ وحرمان الغير منها، وكلّها أمور نفسية تسيطر على الروح الشريرة أو المريضة لدى بعض الأولاد، أو نتيجة عدم إرشاد الأهل بحقيقة الأفعال التي يقوم بها أولادهم، أو الثقة الزائدة التي تؤدّي بهم إلى القيام بأفعالٍ وتصرّفات غير مقبولة, والأهل يدافعون عن أبنائهم بحجّة أنَّهم قد رُبّوا تربية جيدة ولا يصدر منهم أعمال كهذه. لا بأس من إعطاء ابنك بعض الدروس التربوية قبل دخوله إلى المدرسة أو قبل أيام الدراسة، فالتوعية الأسرية مطلوبة ومفيدة ومثمرة. فأطفالكم أمانة في أعناقهم، والتعلّم في الصغر كالنقش على الحجر, فحصّنوهم من الصغر، وقصّوا لهم القصص التي فيها عبر ومواعظ وقيم أخلاقية منقولة على لسان أهل البيت (عليهم السلام) لتحسنوا تربيتهم ولتضمنوا لهم المستقبل الأفضل.