رياض الزهراء العدد 139 من على نهر العلقمي
حِكَايَةُ الأمَلِ المَوْعُودِ
هناك على امتداد الحكاية يلتمع بريق الدمع على وجنات الورد ليكتب أحداث الفصل الأخير بحبرٍ ملوّثٍ برائحة الدخان الممتد بين مجرّات الطين والماء، وذلك قبل أن يحفر مداد الشمس على قرطاس الزمان أحرف كلمة (النهاية) العابقة بالأمل الأخضر، المضمّخة بالسعادة الوردية، الناطقة بألف معنى ومعنى مع كلّ قطرة حبر. صدى الأسود بأوجاعه يتكسّر في غيابه الودق الأحمر، والأحمر عصافير حطّت على ضفاف السماء، تنشد دفء الربيع في ترقّبها للشروق, صوتها يحيي الأرض وهي موات مثخنة بأمواج الضباب العاتية، هي امتداد تلك الواعية المقدّسة العابرة طيّات ذاكرة الروح، يتخلل رحيقها المسافات بين كربلاء – كعبة العاشقين – وبين القلوب الملبّية الطائفة حولها طواف الهيام، ليمتد مفترشاً الكرة الأرضية إلى أن تشرق الشمس، فتشرب كلّ قارة وكلّ بلد، وكلّ محيط من نورها كأساً دهاقاً لا لغو فيها ولا تأثيم. وفي زاوية أخرى من الحكاية، تئن زهرات صغيرات على أغصان الدهر، خائرة القوى ذابلة المحيّا، لم تذق قطرة مطر، تكبر بين أشواك الأسى والانتظار، فمنها ما تذوب حياتها على غصنها حتّى تتلاشى وتصبح نقطة صمّاء على خراطة الإمكان ومنها ما تتشبّث بأذيال الرجاء حتّى الرمق الأخير، وتستقي من ماء الشمس رشفات صغيرة كي تحيا وتزهر بوجه مختلف. وهناك بين مساحات تتأرجح بين الأرض والسماء، تتربّع وجوه هلامية مبهمة الملامح، متغيّرة القسمات بين متاهات النور والظلام، أجزاؤها خُيّطت إلى بعضها بخيوط العنكبوت، قد نضب منها عذب الرواء، تتطلّع من بين الغيوم إلى جدائل ذهبية من التحنان تنساب من قلب شمس متوهّجة بكلّ ما تسعه الأكوان من رحمة. حرفاً حرفاً، ترمي العبرات حكاياها بين السطور، وكلّ سطر له من الحزن لون مختلف وإذا بالفصل الأخير يملأ من الدهر مجلّدات ومجلّدات. وبين السطور الأخيرة، أرواح تحاول الانتفاض من السديم الأسود المحيط بها لعلّها تستطيع بعدئذٍ أن ترتمس في طُهر الفرات، وترتدي إحراماً أبيضاً ثم تمسك بأطراف ذهبية قد نزلت إلى الأرض بعذوبة ودفء من شمس قد غطّتها السحب، نورها يجرح الألم لتسقط بعد ذلك أشلاؤه من كتاب الحكاية إلى التراب.