المَرْأَةُ فِي مَرْحَلَةِ الأرْبَعِيْن

م.د خديجة حسن عليّ القصير/ النجف الأشرف
عدد المشاهدات : 353

من منّا لا يدرك الأهمية البالغة التي تمثّلها المرحلة العمرية التي يصل إليها الإنسان خلال مراحله الحياتية المختلفة رجلاً كان أو امرأة، والأربعون هي إحدى المراحل التي تمثّل بدء النهاية في حياته حسب اعتقاد البعض, فقد ورد في القرآن الكريم صراحة إشارة إلى الأربعين كمرحلة عمرية في قوله تعالى: (..حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ..)/ (الأحقاف:15) فهي مرحلة فاصلة في حياة أي إنسان, وبما أنّ المجلّة ومن منطلق خاص تهتم بكلّ الجوانب المتعلّقة بالمرأة المسلمة فقد ارتأيت أن تكون مقالتي هذه عن أهمية سن الأربعين بالنسبة للمرأة وما تعكسه هذه المرحلة في نفس المرأة من إیجابيات وسلبيات، فالمتعارف في المجتمع وخصوصاً في مجتمعاتنا العربية أنّ هذه المرحلة هي مرحلة حرجة في حياة المرأة وذلك للعديد من التغييرات الفسيولوجية والنفسية التي تُصيب النساء في هذه المرحلة, ويعدّها البعض أنّها مرحلة لانتهاء وجودية المرأة الفاعلة في المجتمع، ولكن الحقيقة عكس ما يُقال؛ فالمرأة تكون أكثر استقرارية في حياتها وفي وظيفتها إن كانت مرتبطة بعمل؛ لأنّها ستكون قد قطعت باعاً طويلاً في إثبات كيانها, ومن ثمّ تكون قد استقرت تدريجياً ووصلت إلى مرحلة تكرّس فيها كلّ جهودها لأسرتها وتلبية حاجاتهم ومعرفة همومهم وتقبل مطالبهم؛ لأنّها كانت قد اكتسبت التجربة والفهم وتكون مرحلة تحاسب فيها النفس عن هفواتها ومعرفة أخطائها وإيجاد حلول لتلك الأخطاء والمشاكل. وتاریخنا الإسلامي زاخر بالعديد من النماذج من النساء اللواتي يحتذى بهنّ عبر العصور واعتبرن مضرب مثلٍ على تألق المرأة في سنّ الأربعين, وخير مثال لدينا السيدة خديجة بنت خويلد (عليها السلام) زوجة الرسول الأعظم محمد (صل الله عليه وآله) فقد استطاعت وهي في سن الأربعين أن تكون مثالاً مشرفاً للمرأة العربية المسلمة عبر التاريخ, فقد تزوّجت الرسول (صل الله عليه وآله) ومنحته كلّ الدعم وساندته وآزرته في دعوته وتحمّلت معه ما تحمّلت من أذى قومه, وهي على الرغم من كلّ هذا كانت ذات مكانة أسمى في قلب الرسول محمد (صل الله عليه وآله) ونفسه. وهنا أقول لكلّ أنثى بلغت الأربعين من عمرها أو لم تبلغه من دون تخصيص للمرحلة العمرية التي أنتِ بها إياكِ أن تستهيني بدورك الفاعل والمؤثّر, فأنتِ قد وصلتي إلى ذروة التألق فلا تجعلي أي شخص ينتقص من دورك في المجتمع بسبب عمرك, أشعري بأهميتكِ ليشعر الآخرين بذلك وسيري نحو أهدافكِ لتحقيقها بقدر ما تملكين من شغف بتلك الأهداف, فيكفيكِ ما منحكِ الله (عزّ وجل) من قوة في قلبكِ فهي بمثابة النور الذي تستطيعين من خلاله أن تقلبي حياتكِ رأساً على عقب.