رياض الزهراء العدد 139 منكم وإليكم
أزْيَاءٌ لَمْ تَفْقِدْ بَرِيْقَهَا
إنّ الأنثى منذ بواكير الحضارة وريادتها جسّدت التماثيل والرسوم بأجمل الأزياء وبمختلف الألوان البهية، وأي زِيّ أو لون تلبسه المرأة فهو يضيف جمالاً لها ونوراً، فمن الأزياء التراثية التي خلّفها الفلكلور لنا الجُبّة. وهو من ضروب الأكسية المستعملة تُلبس فوق الملابس، واسعة الكمّين، مشقوقة المقدّم، مفصّلة ومخيّطة تحيط بالجسم، وتكون واسعةً كالعباية، ويُذكر أنّ بعض أنواع الجبّة تكون واسعة جداً تكفي لأن تلف على الجسم عدّة مرات. تُعدُّ الجبّة من الألبسة الأكثر شيوعاً منذ قرون حتّى زمننا هذا، وتمثّل الجبّة ذات الكم الواسع موضع اهتمامٍ خاص، وقد كانت في السابق يبالغ في سعتها؛ لأنَّها كانت أداة لحمل كثيرٍ من الأشياء فيها، فضلاً عن هذا فقد كانت النساء تستعمل الأكمام كأداةٍ لحمل الطيب والزهر. ويظهر أنّ الميل إلى وسع الأكمام لم يكن فقط للاستفادة منها كجيوب، بل استُخدمت لتضيف لمسة جمالية على أناقة هذا النوع من الرداء. لقد شاع لبس الجبّة في العالم الإسلامي على نطاقٍ واسع من قبل الرجال والنساء معاً وظلّ شكلها مقارباً لشكل الجبّة المعروفة الاستعمال في يومنا هذا. يُذكر أنّ نساء التركمان قد لبسن وارتدين الجبّة، وتصنع الجبّة غالباً من قماش الحرير والقطن ذي الألوان الداكنة، لكن جمالها يكمن بصفةٍ رئيسة في الخيوط الذهبية والفضية التي تُستخدم في التطريز التي تضيف على زخارفها أشكالاً جماليةً بديعةً. عرفت المناطق اختلافاً في تصاميم الجبّة وتطريزها, فقد لبستها المرأة الجزائرية واختلفت تصاميمها وأشكالها، إذ تشد الجبّة الجزائرية الأنظار بألوانها الزاهية المستوحاة من الطبيعة كالأحمر الداكن، والأصفر، والبرتقالي، والأسود، والأزرق القاتم، أمّا زخرفتها فتكون برموز وحروف قبائلية في أحيان كثيرة، فضلاً عن الحواشي المختلفة الأحجام والأشكال التي تُضفي على اللباس رونقاً وبهاءً يقدّم المرأة في أحسن صورة في كامل أنوثتها. أمّا عن نوعية القماش فتكون حسب المستوى الاجتماعي للعائلات والقبائل، فالفقراء يلجؤون إلى خياطة الكتّان والأغنياء ينتقون الحرير, لكن مع التطوّر الذي حصل على مستوى الجبّة لم تفقد بريقها بل أثّرت عليها العصرنة إيجابياً وأكسبتها جمالية أكثر. الدراعة: وهي جبة مشقوقة المقدم، تصنع من القطن أو التيل (خيوط هذا القماش تُصنع من جذور نبات من فصيلة الخبازية), وتكون مفتوحة الصدر إلى الوسط وفي فتحتها أزار، والدراعة أيضاً تكون عبارة عن معطفٍ واسع قصير الأكمام. لقد اختلفت ألوان الدراعات بشكلٍ عام، وكانت الدراعة البيضاء الأكثر استعمالاً وفيها ألوان مختلفة وأشهرها اللون البنفسجي، ولون الدراعة صفراء أو مورّدة أو مصبوغة بالزعفران، وتكون مبطّنة أو غير مبطّنة. وعُدّت من أهم ثياب النساء في زمن الرسول (صل الله عليه وآله)، أمّا في العصر العباسي فحتى النساء من الطبقة الفقيرة ارتدين هذا النوع من الثياب. وقد حافظت المرأة البدوية العراقية على الدراعة تسمية ومضمونها، وكانت تضعها فوق ثوبها الأسود أو النيلي الطويل المُسمّى (ثوب اسمر). أمّا في زمننا الحاضر فقد انتشرت الدراعة بشكلٍ واسع جداً في الدول العربية الخليجية والأفريقية. ................................... المصادر/ المعجم الوسيط ، المؤلف: إبراهيم أنيس - عبد الحليم منتصر - عطية الصوالحي - محمد خلف الله أحمد. تكملة المعاجم العربية، رينهارت دوزي، ترجمة محمد سليم النعيمي. الأزياء الشعبية في العراق، وليد محمود الجادر: ص80.