الارْتِبَاطُ العَاطِفِيُّ بِالمَعْصُومِ

ليلى علي حسين/ البحرين
عدد المشاهدات : 328

اعتنى الإسلام عنايةً فائقةً بنظرية القدوة؛ وذلك لأنَّ وجود القدوة في حياة الإنسان يُعدُّ من الوسائل المهمّة التي تُقرّبه من الوصول إلى الهدف الذي خُلق لأجله وهو الكمال وخلافة الله (عزّ وجل) على الأرض، وهذا هو ما يطلق عليه علماء العقائد باللطف المقرِّب، وأيضاً لأنَّ الله (عزّ وجل) أودع في الإنسان عاطفةً جيّاشةً إلى جانب قوّة العقل المفكّرة، لذا فإنَّ أيَّ مشروع يهدف إلى بناء الإنسان والأخذ به إلى مدارج الكمال إذا أهمل العاطفة وركّز على العقل فقط فلن يكون مشروعاً ناجحاً بل فاشلاً. وإذا ما تابعنا آيات القرآن الكريم التي تتحدَّث عن المعصومين من الأنبياء وتُقدّمهم كقدوات بشرية فإنّنا نلاحظ تركيزها على الكشف عن جوانب الصفات الكمالية والجمالية التي كانوا يتمتعون بها كالعلم والحلم والصبر والشجاعة والزهد والمقامات العالية وغير ذلك؛ لأنَّ الإنسان مفطور على الميل للكمال وتعشّقه والانجذاب إليه، فإذا أحبّ الإنسان المعصوم وارتبط به عاطفياً فإنَّه سيقتنع به عقلياً كقدوة ومن ثمّ سيتّبعه ويُطيعه ويحصل المطلوب، فالحبُّ يولّد الاتّباع كما هو معلوم وذلك على غرار قاعدة (إنَّ المُحبَّ لمن أحبَّ مُطِيعُ). من هنا يجب على العلماء والمبلّغين والخطباء أن لا يهملوا أهمية ربط الناس بالمعصومين عاطفياً، ومن المستحسن أن ينتهجوا النهج القرآني في ذلك، فيُركّزون على عرض صفاتهم الكمالية وبيان مقاماتهم العالية التي استحقوا بها أن يعظّمهم الله (عزّ وجل) ويتّخذهم حُججاً له على برّيته.