رياض الزهراء العدد 139 أروقة جامعية
أروقة جامعية
ما تخبّئه لنا الأروِقة هُناك.. عن التفاصيل التي تصنعُ ذاكرة الحلم، بين سندانِه.. والواقع.. نونُكِ.. جَرَّةُ قَلَم ذلك الشعور الذي يثقل القلب، سمّيه همّاً أو حزناً، أو ضيقاً أو سمّيه ما شئت يخفّ على مهل، حين تفهمين كيف أنّ الله (عزّ وجل) لم يذركِ وحيدةً في عالمٍ غارقٍ في وحشته. ممرّات (يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ..)/ (يس: 30) الآية التي تخرج في منتصف الدنيا، الزحام الطموحات والأحلام وتعيدُ للفطرة سؤالها الأول. أرادني الله أن أكون خليفته في الأرض، خليفة الله! عندما تكون اهتماماتي «منحصرة» فقط بمستوى: أغنية جديدة، أحدث صيحة في الموضة، مادة ومادة ومادة فقط. عندما تكون الاهتمامات بهذا المستوى، هل أكون على قدر توقّعات الله تعالى؟ عندما يقرر الإنسان العظيم.. الإنسان الإلهي «التخلّي» عن منصب «الخلافة الإلهية» لقاء بنطلون مضحك ممزّق باهت اللون، عندها فقط نعرف معنى الحسرة على العباد. مُذكِّرَات جَامِعِيَّة الحلقة التاسعة عشرة بدأ طبيب الجراحة العامة بالحديث أمام طلبة دفعتنا بقوله: يتعلّم طلبة الطب في أنحاء العالم جملةً من أصلٍ لاتيني تُعدُّ إحدى القواعد الأخلاقية لممارسي مهنة الطب، هي: »First, do no harm» بمعنى: «أولاً، لا تؤذي»، وهذه القاعدة طبعًا ليست محصورة على الإيذاء الجسدي فقط، بل أيّ إيذاء كان، الكلمة الحادّة تجرح تؤذي، الظن السيِّئ يؤذي، النظرة الناقصة تؤذي، الكلام الفارغ يؤذي؛ لذا لا تؤذي أحداً.. ثم قال لنا بلهجته العراقية: تريد تصير طبيب زين.. لا تأذّي قلوب الناس. تفرّقنا, وكلٌّ منّا حمل معه هذه الرسالة، لكن التحدّي هو إلى متى سنظل متمسِّكين بها؟ إلى أي حد ستتوغّل في ذاكرتنا وفي ممارساتنا الطبيّة حين نعمل كأطباء؟ هل سننساها في زحام المادة؟ المرضى؟ الاعتياد؟ هل سننساها؟ مرّت بجانبي الطبيبة مريم، قالت لي: سمّيها مثلاً: رسالة.. مبدأ.. قيمة.. أو سمّيها ما شئت.. لكن.. عيشيها أوّلاً. ثم أسرعت بخطاها وأنا استبطأت قدميّ، كأنّما الحمل صار أثقل، الخطوة فقدت بعض خفّتها.. لكن قلت لنفسي: هذا هو ميدانك، صيّريه إلهياً، ثم بعدها سيكون كلّ شيءٍ بخير مادام في عين الله.. ابتسمت روحي، وأخذ الشغف يدير دفّتها من جديد.. استرسلت خطاي.. إلى محاضرة الصحّة النفسية..