رياض الزهراء العدد 138 نور الأحكام
عُمْرُكَ ثَوانٍ وَدَقَائِقُ وَسَاعَاتٌ
لعلّ الكثير منّا سَمِعَ حديث الإمام الكاظم (عليه السلام) حينما قال: "اجتهدوا في أنْ يكونَ زمانُكُم أربعَ ساعاتٍ: ساعةٌ لمناجاةِ الله، وساعةٌ لأمرِ المعاشِ، وساعةٌ لمعاشرةِ الإخوان والثقات الذين يعرفونكم عيوبكم ويخلصون لكم في الباطن، وساعةٌ تخلونَ فيها لذاتكم في غير محرم، وبهذه الساعة تقدرون على الثلاثِ ساعات".(1) فما هي الأربع ساعات؟ لاشكَّ في أنّ المقصود من كلام الإمام (عليه السلام) هو تقسيم اليوم إلى أربع أوقات، وكلّ وقت يشتمل على ست ساعات. فست ساعات للمناجاة: أي لذكر الله، والصّلاة، والدعاء، وقراءة القرآن، والتهجّد لله (سبحانه وتعالى). وست ساعات لأمر المعاش: أي يكفيك أن تخصص لعملك ست ساعات لا أكثر فيأخذك البطر، ولا أقل فيصيبك الفقر والحاجة. وست ساعات لعلاقاتك الاجتماعية مع أهلك وولدك وزوجتك وإخوانك من صلة رحمك، وعيادة مريضك، وقضاء حاجات أقربائك وجيرانك. وست ساعات أن تخلو فيها للذّاتك، وهذا ما يكفيك لراحة بدنك من نوم واستراحة. فإذا كان هذا التقسيم الدقيق وارداً على لسان المعصوم (عليه السلام) فلماذا الإفراط والتفريط في العمل، والنوم، وتضييع العمر في اللعب واللهو؟، لعمري إنَّه للبعد عن فناء أهل البيت (عليهم السلام) وتعليماتهم، قال تعالى: (وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا)/ (الجن:16). ..................................... (1)مستدرك سفينة البحار: ج5، ص297.