رياض الزهراء العدد 142 نور الأحكام
المَلِكَةُ فِي بَيْتِهَا
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ..)/ (النساء:1). هذه الآية لوحدها كفيلة -لمن تدبّرها- أن يعرف أنّ الناس خُلقوا من نفسٍ واحدة، خيرها لها وشرّها عليها، فإن أحسنْتَ لبشرٍ أحسنْتَ لنفسِكَ، وإن أسأتَ فعليها أسأت وجلبتَ الويل والشقاء، لتُترجم لنا هذه الآية الكثير من الروايات التي تصوّر لنا أنّ المجتمع كالجسد الواحد، وأنَّ ما يحصل لأي عضو منه يعمل على إعاقة بل وشلِّ باقي الأعضاء، ومن هذا المنطلق القرآني ينبغي للزوج أن يتأمل مصير حياته الزوجية، وأن يقدِّر قيمة ثوبٍ ألبسه الله له، ففي الوقت الذي تكون فيه زوجتُكَ نفسَكَ تكون كالمرآة تعكس صورتكَ، بل امتدادكَ من بعدكَ، بل شريكتكَ في دنياكَ وجنّتكَ، وهي قبل هذا من أسرَّائكَ. ألا ترى إلى الطير الذي أدخلته الأقدار إلى قفصك ماذا يحتاج منك؟ ألا ترى إلى المرآة التي تتجمّل بسببها ماذا تنتظر منك؟ من القبح جداً أن تلوّثها أو تكسرها لا سامح الله بل حتّى لو صدأت بسبب ريح الحياة بادرت فوراً إلى صقلها، وهكذا لو تعكّرت صفوة الحياة فلا تنسَ أنّها في يومٍ خدمتك وفي مرضٍ رافقتك. فلا ترمِ نعمة الله (عزّ وجل) فتصبح من النادمين.. في الدنيا تنظرك آثار الذنوب.. وفي القبر ضيق اللحود.. وفي القيامة بئس الورد المورود..