رياض الزهراء العدد 142 همسات روحية
كَلِمَةٌ بَحَثَ عَنْهَا التَّارِيْخُ
نهضة خالدة ببريق الأمل.. ألهمت شعوباً فهُجِرَ بها الكسل.. حينما تقوم نهضة تقوم لهدفٍ معين ويحصل بعدها جني الثمار، يقوم بها فرد له أتباع لإنقاذ شعبٍ من الاستعباد والضياع، أمّا نهضة كربلاء فقد قامت للإنسانية جمعاء، لإنقاذ دينٍ من قلب الفناء، لم تقم لزمانٍ محدد أو لمكانٍ مقيّد، بل تخطَّت بيئتها الجغرافية وعبرت الأزمنة وفاقت حدود المدى لتنثر على الأوراق بدل الحبر ندىً، إنَّها لم تعلِّم النهضة ضد الظلم وحسب بل علَّمتنا أنَّ السيف ليس المنتصر الأخير، والمُلْكُ ليس ارتداء الحرير، فالمُلْكُ هو النظر من النافذة وليس في المرآة، أن لا تعيش بذلّ الرفاهية بل أن ترسم منهجاً أصيلاً في الفداء والتضحية، وعلَّمتنا النهضة إنكارَ الذات والإيثار والتمسّك بالأمل في وسط البحار، والتمسّك بالقرار الصحيح، ورفض الباطل بالمنطق الصريح، علَّمتنا كيف نحيا وكيف نموت، ومتى يكون الكلام ومتى السكوت، فكان الإمام الحسين (عليه السلام) محطّةً لإذهال العقول وتحطيم الخمول، لإيجاد حلولٍ لهذه المعادلة التي قلبت أسس العالم الخاطئة ورسّخت الصحيح منها، فجعلت كبار العلماء يُعيدون دراسة أفكارهم من نقطة البداية، ومهما كتبت الأنامل ومُلِئت الأسفار بالتعابير عن هذه النهضة التي لم يحصل مثلها في التاريخ، والتي كانت مصباحاً بل شمساً تنير الكون لم تبلغ معشاراً من مواقفها، فلا يزال الكون يبحث عن كلمةٍ مناسبةٍ تطلق عليها، لكن أرجو أن أكون قد استطعتُ قولَ القليل فيها.