يَنْتَمِي أو لا يَنْتَمِي

خلود ابراهيم البياتي/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 767

عنوان غريب بعض الشيء يأخذ بزمام أذهاننا ويعود بها إلى مقاعد الدراسة تحديداً المرحلة الابتدائية، حين كانت معلّمة الرياضيات تشرح رموزاً معقدةً بالنسبة لنا، وبأشكالٍ كنّا نتساءل لماذا يجب أن نحفظها ونكتبها في حينها؟ أخذتني الذكريات معها في جولةٍ نُحلِّق بها وإيّاكم بشأن هذه الحروف وتلك المعاني والمفاهيم، لنرى كيف لنا أن نستعين بها في زوايا حياتنا المتنوّعة؛ منها رموز (ينتمي، لا ينتمي) تلك الإشارات الذكية التي وقعت في لحظةٍ ما على نقاط تشع في متاهات مترامية الأطراف. الانتماء هو: تلك المشاعر الناعمة التي تنتابنا عندما نكون جزءاً من مجموعةٍ ما، لون متميّز بين مزيجٍ من ألوان زاهية لا يمكن الاستغناء عنه؛ ليتشكَّل منها قوس الله الذي نشعر معه بالدفء والأمان في خضم هذا النسيج المتشابك البهي الذي يحتوي أحاسيس مَنْ اشرأبَّت أعناقهم للنظر إليه، حيث إنَّنا لا يمكن أن ننسلخ عنهم، ولا يستقيم لهم أمر بدوننا، وأيّ مشاعر تلك التي تحدو بنا لبذل المزيد والمزيد، وأي حافز ذلك الذي يثير بنا دافع العطاء للأجمل والأكمل لننسجم مع الجميع في لوحةٍ جميلةٍ. وإن تحدَّثنا عن نقيض الانتماء: فهو كالشعور المزعج حين تطير خارج السرب، وأن لا تجد مَنْ يشبهك أو يكمِّل معك جمال الصورة، ويضع النقاط على حروف حياتك. الكثير من مسارات الانتماء نجدها أمامنا؛ أهمَّها الانتماء لديننا الإسلامي الحنيف كما قال تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا)/ (آل عمران:103) هنا الارتباط والتوحّد في هذا المسار الروحاني العظيم الذي يُنير الدروب ويبعد عنّا كلّ أنواع المهالك إن اعتصمنا به بكلّ تبعات هذه الكلمة، وكذلك الانتماء للأسرة الصغيرة ومن ثمّ حضن الوطن الكبير الذي يجمع الجميع بكلّ المكوِّنات التي تتألَّق في ربوع الوطن، ومَنْ يشعر بالانتماء سيبذل الغالي والنفيس من أجل هذا الشعور الجميل ابتداءً من الانتماء الإسلامي الذي يستقيم بالخطوات الواضحة المعالم في مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) الذين هم السراج المُنير لنا. ولكي نشعر بهذا الانتماء سنعرج نحو أفق الاتحاد وهو أيضاً من الرموز التي مررنا عليها في حياتنا المدرسية، وهنا تبرز أهمية اتحادنا مع أهدافنا ومع الغاية الكبرى التي ترتفع فيها الأيادي نحو السماء؛ لعلّنا نبلغ رضا الله ليبارك لنا كلّ خطواتنا فتتحد فيها أقوالنا مع أفعالنا ولا نكون ممّن قال الله عنهم: (كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ)/ (الصف:3) وبمعادلةٍ بسيطةٍ تنصُّ على أنه كلّما مُلئ القلب حبّاً لله (عزّ وجل) ولأهل بيت رسوله الكريم صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، كلّما كانت معادلة النجاح في الطريق الصحيح لبلوغ المعالي ونيل الفيوضات الإلهية، فيكون عندها التقاطع والتشارك بكلّ ما يحبّه الله ورسوله هو خط المسير لكلّ عملٍ صالحٍ مهما كان صغيراً في نظرنا إلّا أنّه بدايةٌ لخطواتٍ أكبر وأعمق في هذا الطريق الربَّاني المريح للقلب كما قال تعالى: (أَلَا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)/ (الرعد:28). لنسعى جميعاً من أجل الوصول إلى الانتماء الروحاني ذي الغاية الكبرى التي تُخيّم على كلّ تفاصيل حياتنا بالراحة والطمأنينة.