رياض الزهراء العدد 142 لنرتقي سلم الكمال
رَسُولُ الكَمَالِ
قال تعالى: (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا)/ (الأحزاب:40). خاتم لغة: هو الشيء الذي تُنهى به الأمور, وكذلك جاء بمعنى الشيء الذي تختم به الأوراق. وإنّ هذه الكلمة مأخوذة من مادة (الختم) أي النهاية, ولمَّا كان هذا العمل (أي الختم) يجري في الخاتمة والنهاية فقط, فقد أطلق عليه اسم (الخاتم) لذلك. تُشير الآية أعلاه إلى أنَّ علاقة النبيّ (صل الله عليه وآله) معكم أشدّ وأسمى من علاقة والدٍ بولده, لأنّ علاقته علاقة الرسول (صل الله عليه وآله) بالأمّة, ويعلم أنّه لا يأتي رسول بعده، فكان عليه أن يُبيّن لهذه الأمّة ويطرح لها كلّ ما تحتاجه إلى يوم القيامة في منتهى الدقّة والحرص. تعرّض النبيّ (صل الله عليه وآله) للسباب والشتائم والضرب بالحجارة ونزف دمّه الشريف وكُسِرت ترقوته, كما أتُهم بالكذب والجنون, وفُرض عليه حصار اقتصادي لسنوات وغيرها, حتّى قال (صل الله عليه وآله): "ما أُوذي نبيّ مثل ما أُوذيت".(1) ليس المقياس في شدّة الابتلاء ما يقع على الجسد من أذى، بل شدّة الابتلاء تُعرف عن طريق ما يقع على النفس من صعوبات؛ ولكنّه واجه كلّ ذلك بالصبر والتسامح حتّى أنَّهُ لم يدع عليهم بل كان رحيماً بهم ويستمع لهم بسعة صدرٍ، ويدعوهم إلى التعامل بالرحمة والعطف والمحبّة فيما بينهم، فجذب الناس إلى الإسلام بأخلاقه الحميدة. وكان (صل الله عليه وآله) يحزن للناس الذين لم يهتدوا وقد بلغ حزنه حتّى شقّ الأمر عليه فخاطبه الله تعالى: (طه مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى)/ (طه:1, 2). فالرسالة المحمّدية تنظر إلى الإنسان نظرةً ساميةً, وأنّ قيمة الإنسان بعمله الصالح وأخلاقه الفاضلة. لقد اكتسب الإسلام مكانته عن طريق رسول الكمال بصدقه وتفانيه وأخلاقه وشجاعته وثقته بربّه؛ فهذه الصفات هي التي مهّدت الطريق وتخطّت الصعاب وليس السيف. هذا غيضٌ من فيضٍ تعرّض له نبيُّ الرحمة (صل الله عليه وآله) حتّى يُخرج أمّته من ظلمات الكفر والجهل إلى نور الإيمان والعلم. أمّا اليوم في عصر التكنولوجيا والصواريخ والعقول الإلكترونية والنظريات الحديثة فإنَّنا نجد الإنسان يعيش في أرض المستويات من الرفاه، إلّا أنّه وصل إلى حافّة الدمار؛ لأنّ هذه الوسائل لبّت حاجاته الجسدية فقط ولا تحمل في طيّاتها المضمون الإنساني بل بالعكس زاد العداء والقتل بين الناس. لذا نحن بحاجةٍ إلى أن نُعيد صياغة أنفسنا كمسلمين ونتّبع النهج القويم لنبيّنا محمد (صل الله عليه وآله)؛ حيث بعثه الله في بيئةٍ جرداء قاحلة تحوّلت بسببه إلى واحةٍ مزروعة بالعدل والرحمة. إنَّ كمال الرسول (صل الله عليه وآله) كالشمس تتألق في رابعة النهار؛ فلنقتد به ونحن نرتقِ سلّم الكمال. ..................... (1) مستدرك سفينة البحار: ج1, ص108. أجوبة الموضوع السابق: 1. قال تعالى: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ)/ (النور:31). 2. العفّة, والورع, والحياء. 3. كلُّ الأسباب هي مبررات غير مقبولة لا شرعاً ولا عقلاً مادام لدينا قدوة هي فاطمة الزهراء (عليها السلام) سيّدة نساء العالمين. الأسئلة: 1. اذكري آية قرآنية نزلت في مدح خُلق النبي محمد (صل الله عليه وآله)؟ 2. ماذا قال الفيلسوف الإنكليزي (برناردشو) عن نبيّنا محمد (صل الله عليه وآله)؟ 3. برأيكِ هل الشريعة الإسلامية تتلاءم مع حاجات الإنسان المتغيّرة خصوصاً في هذا العصر؟