رياض الزهراء العدد 142 لحياة أفضل
نَظرِيَّةُ المَفَاتِيحِ الخَمسَة
ذات يوم طلب منّا أستاذ المادة درساً نعدّه في عشر دقائق فيه عظة وعبرة، وكان هذا جزءاً من منهجية المادة، ابتدأ بي كوني معلّمة، فاخترت موضوعاً مؤثراً ومفيداً، موضوعاً ذا صلة بكلّ إنسان، بل يبحث عنه كلّ فرد صغيراً كان أم كبيراً، شاباً، عجوزاً، كهلاً، ذكراً كان أم أنثى، متزوجاً أم أعزب، مسلماً كان أو غير مسلم، من أيّ طائفة كانت، وفي أيّ بقعة من بقاع الأرض. وعندما أدّيت درسي هذا في عشر دقائق لاحظت تأثّراً واضحاً من قبل أستاذي وإخوتي الطلبة، ممّا زادني عزماً على أن أبحث في مواضيع كهذه، وأحاول تطبيقها، ومن ثمّ عرضها للاستفادة منها. كان موضوعي (مفاتيح لأبواب السعادة والنجاح)، وكانت هذه المفاتيح عبارة عن أفعال أمرية توضع في جمل أو عبارات، ويستفاد منها كنصائح أو توجيهات أو نداءات، حتى تكون مفتاحاً لباب من أبواب السعادة، فابتدأت بأول مفتاح، وهو: 1. اقرأ: اقرأ القرآن الكريم وتفكّر فيه، تحدّث معه، اجعله صديقاً لكَ، يعطيك سرّه، فإذا أراد الإنسان أن يتفكر فلابدّ له من رأس مال علمي يستند إليه في تفكيره؛ لأنه يحتاج إليه كما يحتاج التاجر إلى الرأس مال التجاري، لكي يزاول عمله في السوق، ومثلما هناك الكثير ممّن يمتلك رأس مال تجاري ولا يستفيد منه، فإنّ هناك الكثير ممّن يمتلك رأس مال علمي ولا يستفيد منه، فينبغي على الإنسان أن يتفكّر في القرآن تفكّراً مثمراً؛ لأنه رأس مال كلّ إنسان يريد الوصول إلى الحقيقة. 2. تأمل: إنّ الإنسان منذ أن يولد في هذه الدنيا تبدأ حركته إلى الله تعالى، ولكلّ طريق بداية ونهاية وزاد ورفقة سفر، والذي لا يعتقد أنه في حركة دائبة إلى الله (عزّ وجل) فإنه يخسر حياته لا محالة، ومن المعلوم أننا خُلقنا في هذه الدنيا لمَهمة راقية، وهي التأمّل. 3. استعدّ: استعدّ في مسيرك إلى الله تعالى، فلابدّ لك من اليقظة من نوم الغافلين، وللاستعداد لهذا المسير لابدّ من الحصول على المتاع المناسب، فإنّ خير الزاد التقوى، فهناك مجموعة عوامل لابدّ من أن تؤدي دورها في الحصول على استعداد كهذا، منها أنّ الطريق إلى الله (عزّ وجل) يمرّ عن طريق تحمّل البلاءات، فاحرص على استثمار البلاء بقولك: يا ربّ إن كان لابدّ لي من البلاء فاجعل بلائي قربةً إليكَ، وكذلك عدم الجزع وشكر الله تعالى على كلّ صادرة وواردة، والقيام بما أوجبه الله تعالى، حتى تصل إلى الدرجات الملكوتية والطهارة الباطنية اعرج في فضاء الله تعالى باقترابك منه، وطاعتك لأوامره، واجتناب نواهيه. 4. ثِقْ: ثق بأنّ الذي أعطى ليوسف مُلكاً، ولزليخة شبابها، وليعقوب بصره، قادرٌ على أن يعطيك ما تُريد. 5. حاسِبْ نفسك: شارط نفسك على ما تفعله وتتركه، وراقبها دائماً وأبداً وفي كلّ الحالات؛ لترى التزامها بما اشترطته عليها، فإذا انتهت مدّة المشارطة عليكَ أن تحاسب نفسك لترى ما عملته وما تخلّفت عنه، فإذا تبيّن عدم التزامها عاتبها، بل عاقبها وامنعها من شهواتها لاسيّما في موارد تقصيرها، وهذا أمر مقدور لكلّ أحد، ولا يحتاج إلى قوة عظيمة لأدائه إن أحسنت التدرّج فيه مراعياً طاقتكً وقدرتكَ، فهذه نفسك بين جنبيك حاسبها، فهي أعدى أعدائكَ، فإنّ العبد الذكي الذي يلتفت لن يصيبه إلّا ما فيه مصلحته، فعليكَ أن تكون ذلك العبد الذكي وتربّي نفسك تربيةً إيمانيةً، وتستغلّ أشهُر الاستغفار والرحمة، شهر رجب، وشعبان وشهر رمضان، فإنها أبواب للتربية الإيمانية. فخُذْ هذه المفاتيح منّي إليكَ هديةً، واعمل بها لتستطيع فتح الأبواب المغلقة، فإنكَ لا تستطيع فتح هذه الأبواب ما لم تملك مفاتيحها.