أحْلَامُ المَلَائِكَةِ

زهراء فاضل الحسينيّ/ مدرسة لغة عربية/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 259

أنا طفلة عراقية كان من المفترض أن أُولد على جنح حمامةٍ بيضاء في أحضان المحبّة والحنان، وأن أنام على غصن وردةٍ حمراء، أشمُّ من شذاها عبقَ المستقبل الملوَّن، وأركبُ الأرجوحةَ الوردية، وأرتدي القبَّعة الصفراء وعندما تهبُّ الريح تحملني إلى السماء، صحيح أنني وُلدتُ لكني لم أجد أرجوحتي، ونمت على صوت إطلاق الرصاص، واستيقظتُ أبحث عن أبي، أين أبي؟ وناديتُ حتّى حضرت عباءة مترّبة أنهكها الحرمان تحمل في طياتها قلماً تقول: بنيّتي هذا طريق المدرسة، بنيّتي تعلَّمي كلّ الحروف واكسري بكلّ حرف شوكة التفرقة، وازرعي وردةً في باب كلّ مدرسةٍ، واعلمي بأنّي سأسقيها ما دمتِ أنتِ تدرسين، بنيّتي كاد صوتي أن يختفي من العناء فكوني أنتِ الصوت والأنشودة المستقبلية، أنا صوت طفلٍ عراقي حمل على ظهره الصغير آهات سنين وسنين، وذكريات حب، وحرب، وسلام، ودمعات شوق وخوف، وحنين، فكان كلّ من ينظر في عيني يرى بريق الأمل فيها ويرى على وجهي أخاديد الزمان حتى إنّ أشهر الرسّامين حاول أن يرسمني فكانت لوحةً غريبةً فيها النخيل الشامخات، فيها دجلة الخير وماء الفرات، فيها السنابل تنحني بتواضع، فيها منار الحق مصباح الحياة، فيها الحسين أبو الأئمة يرتجز اقصدوني فأنا اسمي الحسين، وأنا أنادي بافتخارٍ انظروني فأنا نجل الحسين وانظروا تأثيري في أمسي، ويومي، وغدي، وانظروا إخلاصي، وحبّي السرمدي لأمي وأبي، ولشعبي والوطن، ولكم إجلالي وإكباري على مرّ الزمن.