شَوَاهِدُ مَأثُورَةٌ عَنْ تُرَاثِنَا

عصماء علي/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 215

بقيت الملابس ذات الأكمام الطويلة الواسعة والفضفاضة واضحة الاستعمال في العراق إلى الوقت الحاضر لكنه انحسر تدريجياً؛ إذ لا يزال يُستخدم هذا الثوب لدى البدو خاصة، وأصبح من جملة تقاليد البدو، كما أنّ أكمام ثيابهم كانت طويلةً واسعةً يصل طولها إلى القدم؛ لأنَّها تدلُّ على عراقة صاحبها في البداوة ويُسمى كذلك بالثوب المردّن عند أهل البادية، ولا يزال يُستعمل هذا الثوب في البلدان العربية في الاحتفالات الرسمية كتعبيرٍ عن الأصالة العربية في الوقت الحاضر، إذ إنّ المرأة البدوية كانت تستعين بحزامٍ أو زنار(1) لرفعه إلى الوسط، ويكون هذا الحزام منسوجاً في الغالب من الصوف بلونٍ مغايرٍ للون الثوب المردّن، وكانت تُسبل ما تبقى من الزيادة فوق الزنار ويصل أحياناً إلى الركبة، كذلك بقيت عادة شدِّ هذا الثوب الطويل إلى وسط الجسم بحزامِ صوفٍ ملوّن يُسمِّيه البدو اليوم (بريم)(2) وهو يشدُّ القميص إلى وسط الجسم أيضاً. وعُرِفَ الثوب المردّن بالعراق بأسماء مختلفة حسب المناطق، حيث عُرِفَ باسم (الشلاحية أو البشت) لدى أهل الموصل، ويكون أبيض اللون غالباً، واُستُخدم من قبل أكراد العراق وسُمّي عندهم (فه قيانه)، وكذلك عشائر شمَّر العربية، ولبسه التركمان في العراق أيضاً ويسمّونه (القميص أبو الجاك) أو (قولجاخ)، واُستُخدم أيضاً في المناطق الوسطى من العراق واشتهر باسم (أبو هلاز) ويغلب على ألوانه الأبيض تبعاً لنوع مادة القماش (الخام الأبيض). أمّا في الجنوب من العراق فتكون مادته من الخام الأزرق أو الكرمسود(3) الأسود، وقد يزيّنه في الذيل ألوان أخرى مضاعفة على شكل شريط، فضلاً عن أنواع أخرى من الأقمشة استُخدمت في خياطة الثوب المردّن. وقد تفنَّنت النساء في تطويره، فقد عرفنا من النماذج المتبقِّية المحفوظة اليوم في متحف الأزياء ببغداد أنه صُنِعَ من قماش الحرير الذي يُسمّى أيضاً (الجرجيت) وبألوان مختلفة كواجهة أمامية، أمّا الخلف من الثوب فهو مكوّن من قطعةٍ من القماش الموسلين(4) الأبيض المورَّد باللون البرتقالي، والردان عُمِلت من الخام الأبيض وأطراف الردان من قماش الثوب نفسه. ومن الألوان الأخرى المستخدمة لعمل الثوب المردّن اللون الأحمر من قماش القز المُزيَّن بالكلبدون الأصفر، وبتشكيلات نباتية على شكل الأثمار والأزهار، وهذا النوع شاع في الشمال والجنوب من العراق. وهناك نماذج أخرى للثوب المردّن اُستُخدم من القماش نفسه وباللون الأحمر ومنقوش عليها خيوط ملوّنة وتطريزات شعبية بديعة مستلهمة من التراث والطبيعة العراقية، وتشابه هذه التطريزات ما يستخدمها النسَّاجون على البسط من أشكالٍ وزخارف وبشكلٍ خاص في منطقة السماوة. وهناك أنواع مصنوع من عدّة قطع من القماش، يكون من الأمام قطعةً سوداء من الكرمسود، مطرّزاً بزينةٍ منسوجةٍ بشكلٍ بارز بواسطة خيوط من عدّة ألوان، ونماذج أخرى مختلفة وعديدة الألوان يغلب عليها اللون الأرجواني والأصفر، مزيّن بتشكيلات من خطوط منكسرة وأشكال وطيور، وتختلف التصاميم بحسب المناطق من منطقةٍ إلى أخرى. .......................................... المصادر: تاريخ الأزياء وتطوّرها، خالدة عبد الحسين محسن الربيعي. تكملة المعاجم العربية، رينهارت دوزي. المعجم الوسيط، إبراهيم أنيس، عبد الحليم منتصر، وآخرون. الأزياء الشعبية في العراق، وليد محمود الجاير. (1) زنار: حزام يشد على وسط الجسم. (2) بريم: خيط فيه لونان مختلفان. (3) الكرمسود: نسيج متموج الظهر. (4) الموسلين: قماش مصنوع من القطن ويُسمّى أيضاً الموصلي.