بَوْحٌ مِن ذَاكِرَةٍ

هديل غازي الموسوي/ القادسية
عدد المشاهدات : 138

كان يا ما كان في هذا الزمان ذات يوم كان الحزن ضيفي الذي لا يمل لقائي، وأنا استيقظ كلّ ذي صباح على صوت أبي الذي يملأ أرجائي رعباً وانكساراً وأسىً، ما زال يصرخ ويتمتم وكأننا أولاد القدر المقيت الذي رمانا في حياته، طالما كنتُ أتحاشى التصادم به بأي شكلٍ من الأشكال، ولطالما كنتُ أصمت في حضرة وجوده داخل المنزل أو خارجه. كان غريباً عنِّي رغم أنّي كنتُ أحبّه وكنتُ أحمله في مخيّلتي مثالاً يحتذى به، لكنه استطاع أن يغيّر كلّ تلك الأحلام وأن يبني جسوراً من القسوة والحرمان والأذى اللفظي والجسدي, وفي ذلك المساء كان قدري أن أتكلّم، كلماتي كانت معدودةً، لكن كلماته كانت الأكثر والأقوى؛ لأنّه أب! كان له حقُّ الضرب والإهانة.. لأنَّه أب كان لزاماً أن يقمع أصواتنا اللفظية والمعنوية.. لأنه أب فحسب.. خرجت إلى مدرستي وأنا صامتة وكلّ ما فيَّ يصرخ, يبكي, يسأل, لماذا كلّ هذا وإلى متى؟ وهل للآباء سلطة العنف على أبنائهم؟ أما من طريقةٍ أخرى للتربية؟! أسئلة ظلَّت تراودني ولم أجد لها مبرراً؟!