رياض الزهراء العدد 142 منكم وإليكم
التَّدَرُّجُ فِي مُسْتَوَى التَّخْطِيْطِ
تزوَّج بعض الأئمة (عليهم السلام) بنساء غير عربيات من قوميّات متعددة: فرس، روم، وبربر..، ليكون ذلك دلالة على عالمية إمامتهم وإلغاء الفوارق الطبقية والتمييز العرقي بين المسلمين. والسيّدة سمانة المغربية ارتبط اسمها بالإمام التاسع والعاشر من أئمّة أهل البيت (عليهم السلام)، تزوّجها الإمام الجواد (عليه السلام) وكان جميع أولاده منها. والسيّدة سمانة امرأة جليلة، على درجةٍ كبيرةٍ من الفضائل والصفات الحميدة والأخلاق العالية، عُرِفَت برجاحة العقل، أخذت من بني قومها صفات القوّة والشجاعة، والصبر، والذكاء، اشتراها الإمام الجواد (عليه السلام) بسبعين ديناراً(1) واعتقها. استقرَّت في بيت الإمامة، ونهلت من علوم بيت العصمة ما يُهذِّبُ نفسها ويُعرِّفها كمال الدين والإيمان، فأقبلت على طاعة الله (عزّ وجل) وعبادته(2)، وكانت من النساء المحدّثات، وصلت إلى درجةٍ من التقوى والورع بحيث لا يقربها شيطان مارد، عن أبي الحسن الهادي (عليه السلام) أنَّه قال: "أمِّي عارفة بحقّي، وهي من أهل الجنة، ما يقربها شيطانٌ مريد، ولا ينالها كيدُ جبّارٍ عنيد، وهي مكلوءة بعين الله التي لا تنام، ولا تتخلَّف عن أمّهات الصدِّيقين والصالحين".(3) ارتبطت السيد سمانة ارتباطاً وثيقاً بالإمامة، فمارست تكليفها الرسالي، في مرحلةٍ مهمّةٍ تميّزت بقربها من عصر الغيبة المرتقب، والعمل على مستوى التخطيط لفكرة التدرّج في العمل الاجتماعي على أصعدة شتّى؛ لتهيئة الجماعة الصالحة واستقبال مرحلة غيبة الإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه الشريف)، وهي مرحلة جديدة، فيها سيمارس الشيعة حياتهم في غياب الإمام المعصوم. ................................... (1) دلائل الإمامة: ص216. (2) أصول الكافي: ج1، ص486. (3) موسوعة الإمام الجواد (عليه السلام): ج1، ص41.