أمْ يَحْسُدُونَ

ليلى علي حسين/ البحرين
عدد المشاهدات : 212

(أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آَتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آَتَيْنَا آَلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآَتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا)/ (النساء:54). لا أدري لماذا أصبحتُ على حافة الاقتناع بأنّ هذه الآية صار لها مصاديق في أوساط الشيعة أنفسهم! فالمُلك المحسود عليه آل إبراهيم والذين بحسب امتداد الذرية المذكور في سورة آل عمران يكون أهل بيت محمد (صل الله عليه وآله) من ضمنهم هو مقام الإمامة، فالمثير أننا صرنا نسمع أصواتاً تتعالى بالصراخ بضرورة تحجيم أهل البيت (عليهم السلام) وعدم إعطائهم ما هو فوق مستواهم! فممنوع: - أن تقدّمهم على أنّهم الإنسان الكامل وخليفة الله على الأرض. - أن تتحدَّث عن مقاماتهم ورتبهم عند الله تعالى. - أن تُشير إلى أنَّ لهم كرامات، وأنّهم قادرون على إجراء الخارق للعادة بإذن الله على أيديهم. - أن تعزّز عند الناس أنَّ الله (عزّ وجل) جعلهم (جعلاً تكوينياً لا يتخلّف) أدلّاء عليه وطرقاً موصلة إليه لا محالة. - أن تحثّ الناس على اتخاذهم قدوة في طريق الوصول إلى الهدف الذي خُلق الإنسان لأجله وهو الكمال. - أن تحبّب الناس في زيارة الحسين (عليه السلام) وذلك بذكر الأحاديث الواردة فيها. ستكون مرضياً عند هؤلاء إذا: أقنعت الناس بأنَّ أهل البيت (عليهم السلام) جاؤوا فقط ليقولوا للناس: صلّوا وصوموا والتزموا الصدق وبرّوا آباءكم وصلوا أرحامكم وانتهى الموضوع! فعندهم (لفرط الحساسيّة من العقائد والفلسفة) ممنوع حتى أن تتناول البُعد العقائدي في الأحاديث المرويّة عنهم! همسة أوجهّها من منطلق الأخوّة والمحبّة: ما عاد الناس يستأنسون بمن يصوّر لهم سيّدة النساء (عليها السلام) بأنّها مجرّد امرأة كانت تطبخ طعاماً طيباً لزوجها وأبنائها لذلك صارت امرأةً فريدةً استثنائية! عقول الناس - وخصوصاً الشباب - صارت تفتِّش عن خطابٍ يرقى بفكرها في زمن صارت معركتنا الفكرية مع الغرب قائمةً على حسّنوا أخلاقكم وانتهى الأمر، فمادمنا نلتزم بقوانين المرور وشوارعنا نظيفة ونساعد الفقراء فنحن متفوَّقون عليكم. أقول: اسمحوا للخطاب العقائدي بأن يترسّخ في عقول الناس، فإذا لم يفهم الناس من هم أهل البيت (عليهم السلام) بمقامهم الشامخ عند الله (عزّ وجل) فإنَّ اتخاذهم كقدوة عملية في الأفعال والأخلاق سيكون أمراً عسيراً.