(إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ)
السلام عليكم (أم حسين وهي تهمُّ بالجلوس عند أول مقعد صادفها)، بصوتٍ واحدٍ ردّت الثلّة الطيبة التحيّة بأحسن منها. أمّ عليّ مستغربة: أليس من المفروض أن تكوني برفقة قريبتكِ لإكمال خطبة ابنتها؟! أمّ حسين بنبرة تحمل خيبة أمل: المفروض ولكن! أمّ جواد: اللهم سترك، هل حدث مكروه لأحدٍ من العائلتين؟ أمّ حسين: مكروه لا، بحمد الله ولكن مع الأسف. أمّ زهراء: حسبما فهمت أنّ الشاب بمستوى لائق من العِلم والأخلاق، من القلّة القابضة على دينها أمّ حسين: وهو كذلك فعلاً. أمّ جواد: والفتاة من أسرة محترمة، مؤدَّبة، محتشمة، متواضعة، تحمل شهادة علمية، فما المشكلة؟ أمّ حسين (بتهكم): هنا المشكلة. أمّ زهراء مستغربة: سبحان الله الصفات الحسنة ومكارم الأخلاق مشكلة! أمّ حسين: عندما بدأنا هذه الخطبة كان الجميع مستبشراً ومتفائلاً لكن يبدو أنَّ أحد قريبات الفتاة ما راقها أن ترى فتاةً من عائلةٍ متمكّنةٍ مادياً وحاملة لصفات مميَّزة ترتبط بشابٍ من عائلة بسيطة، فما كان من هذه المرأة إلّا أن تبدي ملاحظاتها القيّمة، وتبذل المشورة بأنَّ هناك غير هذا الشاب من تتوافر فيه كلّ هذه الصفات فضلاً عن إمكاناته المادية ورقي أسرته و..و.. أمّ عليّ: وهل اقتنعت والدة الفتاة وغيّرت رأيها؟ أمّ حسين: لم تغيّر رأيها نهائياً تصرَّفت بحكمة، اعتذرت بشكلٍ لطيف ومهذَّب. أمّ جعفر: ما هو رأيكِ أنت؟ أمّ حسين: لي قناعة راسخة بأنَّ الأخلاق والدِّين أهم ركيزة لكلّ علاقة يُراد لها النجاح والاستمرار سواء علاقة عمل أو صداقة، والزواج بوصفه ارتباطاً مقدّساً أساسه المودَّة والثقة والاحترام المتبادل، وميثاقاً غليظاً أكرم الله (عزّ وجل) به عباده، وهنيئاً لمن حافظ على هذا الإكرام. أمّ عليّ: إنّ الثروة والجاه من الممكن أن تأتي في أي وقت، كم من فقير أغناه الله (عزّ وجل)، أنَّ أرفع الجاه هو ترك ما حرَّم الله والتخلّق بالعفّة، والكرم، وطيبة القلب، والعزَّة، وهي علامات التقوى: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ)/ (الحجرات:13). أمّ جواد: لقد جهد الإسلام بتعاليمه الإنسانية الراقية أن يلغي فكرة الطبقية وينشر مبدأ المساواة، فقد رُوي عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)قال: قال: "أصل المرء دينه، وحسبه خلقه، وكرمه تقواه.."(1) فمعيار تقييم الإنسان ما يتَّصف به من خلق وما يقدّم للمجتمع فإنَّ (قيمة كلّ أمريءٍ ما يُحسنه). أمّ زهراء: أودّ التأكيد على مسألة الدِّين فعند قولنا (صاحب دين) المقصود تمسّكه بروح الدين محبّةً، وأمانةً، وإخلاص مراعاة لحقوق الناس، وخوف الله في السرِّ والعلن. أمّ حسين: بإذنه تعالى ستكون لنا زيارة لأسرة الفتاة ونرى ما يمكننا فعله بما يُرضي الله تعالى. أمّ عليّ: من الضروري التحدّث مع الفتاة بشكلٍ واضحٍ وصريح؛ لتكون مقتنعةً بقرارها، ومهيّأة للحياة الجديدة. أمّ جواد: فلندع الله تيسير الخير بمشيئته. أمّ زهراء: سنعمل بما يقتضيه حقّ الإيمان من الإعانة على فعل الخير. أمّ حسين: إذن ملتقانا في بيت السيّدة أم حوراء. بنبرات الأمل.. إن شاء الله تعالى.. ...................................... (1) مستدرك سفينة البحار: ج8، ص142.