رياض الزهراء العدد 142 ألم الجراح
شَوْقٌ يُذِيْبُ قَيْدَ السُّجُونِ
كان يريد أعلى درجات القرب من الله؛ ليرتوي فيه دفء صدره بالسكون فتستكين النفس وتنطفئ شرارات الغضب ويكظم بخلقه غيظ البشرية، ومع سكونه يتمايل الوجود ليروي حكاية الإمام الكاظم (عليه السلام) إلى الأزل ويهدي إلى الله (عزّ وجل) حلمه الرابض في تسابيح الفجر لتسقيه من مناهلها ماء المعين وتعتريه نشوة حنين العاشقين فتصبح رقراقة لحظات الوصل الجميل. كانت بينه وبين الربِّ العظيم مسافة صبر وموعد مؤجّل فتلاشت المسافات تحت أسوار السجون، فقد وصل للرحيم أنين قلب الكاظم (عليه السلام) وعلم اللطيف بوحشته في دنيا كم سقته شراباً مذاقه علقم، موحشة دنياه لكنه أوقد في صدره شمعة الأنس مع ربّ العالمين، ففِي متاهات الليل تصعد دعوات وتراتيل مناجاته كشهبٍ خاطفةٍ في السماء تلاحق فضول الشياطين وترسم جمالاً في بديع الكون. فمولاي الكاظم (عليه السلام) لمسة من أنامل حنان الله (عزّ وجل) في البشر وهو تنفس لصبحه الحاني في أرواح اليائسين، فلم يسجنه شعور الظلم ولم يقيّده خوف، فكان اشتياقه للقاء الحبيب قوّة حرّرته من قيود الحياة، وكان حبّه لله هو الشفاء من ألم فقدان الحبيب، فرحل في طريق الخلود واثقاً ملء قلبه اليقين. إلى الله المراد.. إلى الله المرام..