رياض الزهراء العدد 144 نور الأحكام
الصَّومُ جنّة مِنَ النَّارِ
قال تعالى: (..وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ..)/ (البقرة:184). أجمل تعبير يقوله المولى تبارك وتعالى في الصوم إنه: لي وأنا أُجزي به، فلعلّ البعض منّا يكتب في الحكم المتوخّاة من هذه الفريضة العظيمة، ولكن يقف مداد قلمه بأن يصف ما جُعِلَ خالصاً لله تبارك وتعالى، وقد سُئل إمامنا الرضا (عليه السلام) عن علّة الصيام فأجاب: "لكي يعرفوا ألم الجوع والعطش، ويستدلّوا على فقر الآخرة، وليكون الصائم خاشعاً ذليلاً مستكيناً مأجوراً محتسباً عارفاً صابراً لما أصابه من الجوع والعطش، فيستوجب الثواب".(1) فبالصيام يستوي الغني والفقير، حيث يذوق الغني مسَّ الجوع والألم، فيرق قلبه على الضعيف ويرحم الجائع، هذه الحالة من التواضع والرقّة هي التي يريد المولى تعالى أن يحقِّقها كواحدةٍ من أفضل حكم الصيام، فالقلب الرقيق والرحيم هو مصدر الأنوار والبركات، وكما ورد في الحديث القدسي الشريف: "أنا عند المنكسرة قلوبهم".(2) وتلك الحالة من الرقّة لابدّ أن تصبح ملكةً مستقرةً لا مستودعة في نهار الصيام فقط، وهذا ما يحتاج منّا إلى تأمّلٍ، ومن الله التوفيق. ............................... (1) ميزان الحكمة: ج2، ص1684. (2) المحجّة البيضاء في تهذيب الأحياء: ج1، ص35.