رياض الزهراء العدد 144 شمس خلف السحاب
الإخْلَاصُ المَهْدَويُّ للشَّيْخِ المُفِيد
ممّا لاشكَّ فيه عاجلاً أم آجلاً ستنطوي فرصة الحياة ويُسدمُ الستار عليها، والمهم في الأمر أن تُطوى تلك الصحيفة بالباقيات الصالحات وتزخر خزينة العمر وتمتلئ بالتراث الثر والأثر الواضح للعيان، فيه الأعمال والعلوم النافعات. ولذلك فإنّ ذاكرة التاريخ تحفل برجالٍ ليس من السهل المرور بأسمائهم من دون توقّفٍ، لما تحمله شخصياتهم من فاعلية وحضور على المسار التاريخي، فكانوا الغائبين الحاضرين في ذاكرة التاريخ؛ لأنّهم كانوا من المساهمين المهمّين في تشكيل وعينا المعاصر بالنسبة للفقه، والكلام، والتاريخ، والفلسفة وغيرها، ومن عمالقة أولئك الرجال الشيخ المفيد. فلقد أمضى شيخنا الجليل عمره الشريف عالماً في مختلف أبواب العلم، وحظي بثناء وتقدير الإمام الحجّة بن الحسن (عجل الله تعالى فرجه الشريف) وهذا ما ظهر عن طريق رسائله إليه، نقتطع جزءاً من الرسالة الثانية؛ إذ كتب: من عبد الله المرابط في سبيله إلى ملهم الحقِّ ودليله.. (بسم الله الرحمن الرحيم سلامٌ عليكَ أيّها الناصرُ للحقِّ الداعي إلى كلمة الصدق، فإنا نحمد الله إليكَ الذي لا إله إلّا هو، إلهنا وإله آبائنا الأولين، ونسأله الصلاة على نبيّنا وسيّدنا ومولانا محمّد خاتم النبيين وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين).(1) فأيّ منزلة عظيمة قد نالها شيخنا الجليل ليصل لهذه المرتبة الرفيعة عند ولي الله الحجّة بن الحسن (عجل الله تعالى فرجه الشريف)؟ وأي سنوات جهاد مخلصة ومشرقة قضاها في حياته ليبزغ نجمه بهذا القدر؟ هكذا تنطوي صحائف عباد الله العاملين، لذا صار حرّياً بنا أن نلتفت اليوم لصحيفة أعمالنا فهل يا تُرى قدّمنا ما يسر قلب إمامنا الموعود وأخلصنا في عملٍ أو علمٍ فيه لله (عز وجل) رضا وللناس صلاح؟! .................................. (1) مستدرك سفينة البحار: ج8، ص346.