رياض الزهراء العدد 144 لحياة أفضل
تَهْلِيْلُ جَدَّتِي
عندما تغلق الدنيا أبوابها ويضيق الفرج كنتُ أنظر إلى جدّتي وكأنّها تملك المفتاح لتنقذني من الهموم، بلمسةٍ صغيرة بيدها المجعّدة تزيل عنّي غبار الهموم والمصائب، لا أعرف لماذا اعتدت أن أجد عندها الحلَّ لهذه الأمور، فما إن حدّثتها عن حالتي حتّى أسرعت نحو سجّادة صلاتها تفترش الأرض وتمسك بحبّات السكر وتقرأ بعض التراتيل العلوية، وبصمت الحجرة يدخل صدى صوتها وهي تردد يا عليّ، الشيء الغريب أنّها كانت تنتظر ليلة الجمعة، في غضون عشرين سنة تواظب عليها لم نعرف ما سرّ تمسّك جدّتي بهذه العادة، توقد في محرابها شمعةً صغيرةً، مسبحة من تراب قبر الحبيب تُعلّق على الجدار المعتق وقطعة قماش مطرّزة بدعاء الفرج، بدأت أتابع هذه التفاصيل فتثيرني لهفة جدّتي لهذه الطقوس، صوتها وهي تقرأ دعاء حلّال المشاكل في ليلة الجمعة، كان من أهم الأعمال التي تقوم فيها، ثم توّزع قطع الحلوى على الجيران، لم تتزحزح عن هذه العقيدة بل كانت تقوى في كلّ معضلة تنحل بهذا النداء، كان جسدها ينتفض في آخر لحظةٍ من حياتها وهي تردد: (نادِ علياً مظهر العجائب، تجده عوناً لك في النوائب، كلّ هم وغم سينجلي، بولايتك يا عليّ يا عليّ يا عليّ) مرّت السنوات وما زال تهليل جدّتي مسموعاً في ليلة الجمعة.