رياض الزهراء العدد 145 شمس خلف السحاب
حِوَارُ الأفْلَاكِ فِي زَمَنِ الغَيْبَةِ
الشمس: لطالما سألتموني الانصراف ومغادرة الأفاق نهار الخميس، فهل أزفت الساعة وحان الموعد المرتقب؟ النجوم: لا ليس بعد، ما زلنا نأمل ولن نكل عن الانتظار. الريح: ربّاه؛ أستمُر وتنقضي سويعات الجمعة دونما لقاء؟ وا حسرتاه.. وا كربتاه.. النجوم: إنا نفتقد القمر، ما لنا لا نجد له أثر؟ الريح: لعلّه انشغل بالتسبيح والتهليل والدعاء. الشمس: لقد سمعتُ همهمات صادرة ناحية القمر أثارت قوافي الأحزان. الريح: تُرى هل اعتزل القمر ويأس من الانتظار؟! النجوم: لا نعتقد؛ لأنه يداوم كلّ يوم على الأذكار، ربما اعتزل كمداً وحسرات. الشمس: ربّاه، ألم يحن الموعد بعد؟! طوينا الكثير من السنوات وتلظّينا بجمر اللهفة والحرمان، واستمرّت الأعوام في زمن الغيبة مرّاً وعلقماً، تململت السماء وشاركت بالحوار: السماء: لقد شاهدتُ أنواع المحن والغصص والابتلاءات، وشهدت إراقة دماء الأبرياء، وفي كلّ مرة أردد؛ لعلّ الفرج قريب وتظهر طلعته الغر دونما استئذان. ظهر القمر فجأة منكسفاً دامياً: القمر: يا إله الكون غيابي القصير هذا يحيل الوجود إلى قطعة مدلهمّة بالظلام، فكيف بقمر قد غاب آلاف الأعوام؟ قمر عقدت عليه الآمال وانتظرته الجموع بكلّ اصطبار، بعد أن تذوّقت سني الظلم، والجور، والعدوان. عصفت الريح بشدّة وراح صوتها يزلزل الأسماع: «المهدي من ولدي، تكون له غيبة وحيرة تضل فيها الأمم، يأتي بذخيرة الأنبياء (عليهم السلام) فيملأها عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً».(1) انصرفت الأفلاك من ذلك الاجتماع رويداً رويداً بعدما أذعنت إنّ الله (عزّ وجل) متمّ وعده متى شاء، وسيبقى الانتظار عارماً نابضاً متدفقاً صوب صاحب الأمر والزمان (عجل الله تعالى فرجه الشريف). ........................................... (1) كمال الدين وتمام النعمة: ج1، ص272.