الرَّيحَانَة

المهندسة: فرح منعم كاظم/القادسية
عدد المشاهدات : 166

«يُقال إنّ النساء يكُنّ في أقوى حالاتهنَ عندما يتسلحنَ بنقاط ضعفهِنّ» هو الضعف المُحبّب، عالم الأنوثة الناعم الذي يبعث شذاه كزهر الليمون وحبّات الكرز، نساء من الحرير يستند إلى نعومتهنّ كلّ من هو منهك الإرادة والقوة, هنّ نخبة من السيّدات، فائقات الأناقة والأنوثة السحرية، النُخبة التي أشبعت ذاتها بالتقدير والحُبّ والفضيلة، فكانت أنموذجاً للمرأة العظيمة والمبهرة. إنّ من العبارات الموهمة التي روّجها الكثيرون بحقّ المرأة والأم خصوصاً هي (أنْ تحترق كالشمعة لأجل الآخرين)، فهُضمت بذلك حقوقها وأصبحت تضحياتها واجبات، وهكذا صُودرت بكيانها كإنسان كرّمه الله بحقوق وفرض عليه واجبات، فالكون يُبنى على أساس الحقّ والواجب، الأخذ والعطاء، إنه التبادل، أن يسقي أحدنا الآخر فنُزهِر. فضلاً عن أنّ السيّدة الناجحة تغوص في أعماق ذاتها لتنمّي كلّ بذور الاحترام وحبّ الذات بعدما أدركت أنّ أصدق علاقة حبّ هي حبّ المرء لنفسه، فتقتلع كلّ فضاضة توبّخ بها نفسها من صميم باطنها ونقطة اللاشعور بترديد تأكيدات إيجابية وبطريقة إيحائية علمية تعيد بها برمجة كلّ الأفكار، فتنظر لذاتها بعين الثقة والكثير من الإعجاب، كأن تردّد مثلاً: (إنّي أحبّ نفسي وأتقبلها الآن وفوراً)، مثلما أكّدتها الكاتبة (لويز هاي) في الكثير من كتاباتها بعد أن جرّبت قوة الكلمة الملفوظة في عقد الصلح مع الذات، وخلق شخصية حيوية ومبتهجة. إنّ من أسباب تخلّف المجتمعات تخلّف العقل، وأن يُحجب عنه نور العلم الذي أوجبه الله تعالى فريضة على كلّ مسلم ومسلمة، وبذلك فإنّ حجاب العقل هو تقصير بهذه الفريضة، وبهذا فإنّ الحجاب المادي للمرأة لا يرتقي لمكانتهِ الصحيحة من دون النظر إلى عقلها وروحها على حدٍّ سواء؛ ذلك لأنّ الروح تحتاج إلى منافذ تطِلُّ على الحياة، أن تتجاوز ما موجود هنا لتعبر إلى هناك، فمنطقة الراحة مرحلة تخلق إنساناً عادياً، وعالمنا الواسع يحتاج إلى الغير العادي، يحتاج إلى مَن يُبحر ويكتشف ويتأمل الأفق البعيد. أيّتها الأم والأخت والصديقة لطالما كنتنّ الملاذ والقوة، وليست أيّ قوة، فالأنثى تحتاج إلى قوة العقل أولاً، قوة الحضور، والثقافة، ودرجات عالية من الوعي، ولأنك الأمومة لابدّ من أنْ تقتاتي العلم، فمَن يصنع المجتمع هو أنتِ، وأن تقدّمي أفراداً صالحين بعافية نفسية سليمة، تُصلح من حال الأمّة، فأنتِ مَن يِهبُ الحياة، لأنكِ الأمل والأحلام والطفولة.