رياض الزهراء العدد 80 نافذة على المجتمع
مَدرَسَةُ فَدكِ الزّهرَاءِ (عليها السلام)مَنَارةٌ لعُلومِ أَهلِ البَيت (عليهم السلام)
كانت وما تزال كربلاء مركز إشعاع علمي وديني، تقدّست باحتضانها الأجساد الطاهرة لعترة النبي (صلى الله عليه وآله) وآله (عليهم السلام)؛ لذا نشأت حولها المدارس العلمية والدينية التي تميزت عن سائر المدارس الأُخر في العراق. ومن نعم الله عز وجل على الشباب المسلم أن يتوجهوا إلى حلقات العلم؛ لينهلوا من التعاليم الإسلامية؛ لأنه سلاح بيدهم يحصّنهم ضدّ المصاعب، ويسلّحهم بالأخلاق، ويصبح الإنسان المتعلم كالغيث أينما حلّ نفع. وتفتخر كربلاء بوجود مدارس دينية خاصة بالنساء، الهدف منها إنشاء أرضية رصينة لنساء متفقهات ونشر الوعي والثقافة الدينية في المجتمع، منها مدرسة اقترن اسمها باسم السيّدة الأولى في التبليغ الإسلامي، وهي السيدة الزهراء (عليها السلام) فسُمّيت فدك الزهراء (عليها السلام). وهي مدرسة دينية نسوية تقع في حي الحسينj.ولكي نُلمّ بكلّ التفاصيل عن هذه المدرسة التقينا الأخت أم حيدر مديرة المدرسة، وكانت التفاصيل في سياق الحوار الآتي: عن فكرة إنشاء هذا الصرح المبارك تقول الأخت: إنّ إنشاء أي صرح لا يتم إلّا بتوفيق من ربّ العزة والجلالة، وكان صاحب الفكرة لإنشاء هذا الصرح سماحة السيد أحمد الصافي (دام عزه)، ولقد كانت البذرة الأولى خلال السنوات العجاف التي مرّت على وطننا وشعبنا سنوات الطاغية المقبور.. كانت البداية باتفاق ثلة من المؤمنات المتعطّشات لانتهال العلوم الدينية؛ لعمل حلقات سرية داخل البيوت يقع على عاتقها مستقبلاً إيصال المعلومة، حتى انقشع الضباب وسقط الصنم وفي ظل الألطاف الإلهية والتأييدات الربانية افتُتحت مدرسة فدك الزهراء (عليها السلام) الدينية النسوية وبرعاية سماحة السيد أحمد الصافي (دام عزه)، وذلك في الرابع من جمادى الآخرة/1424هـ الموافق 3/8/2003م، وكان من أهم أهداف المدرسة نشر الثقافة الإسلامية، وبناء قاعدة رصينة من الطالبات المؤمنات وتأهيلهنّ كمدرّسات ومرشّدات ومبلّغات رساليّات في الأوساط النسوية. واستعرضت قائلة: إنّ المدرسة تعتمد على مناهج يتمّ التركيز فيها على العلوم الآتية: (الفقه – العقائد – الأخلاق – المنطق – النحو – علوم القرآن – أحكام التلاوة – الأصول). وأضافت: أن مَن تريد أن تلتحق بالركب الإيماني الذي يضمّ طالبات المدرسة يجب أن تكون على قدر من الالتزام الديني والخلق والتربية الفاضلة، وأن تمتلك تحصيلاً أكاديمياً يؤهلها لفهم المادة. أما عن عدد الطالبات (300) طالبة. الطالبات من مختلف الأعمار, وحالياً أنضمت اليافعات من سن التكليف فما فوق. وعن مدّة الدراسة وأوقات الدوام تقول الأخت أم حيدر: الدرس الديني ليس له وقت، فالعلوم الدينية متصلة بعضها ببعض وتحتاج إلى وقت طويل، وَمن ذا الذي يجد لذة طلب العلم ويحدّها بزمان معين. أمّا الدوام في المدرسة، فهو أربعة أيام في الأسبوع وبواقع ساعتين ونصف كلّ يوم من هذه الأيام الأربعة. هل يُشترط في مِلاك المدرسة - المدرسات - أن يكنّ من ذوي الاختصاص؟ شروط التدريس تقتضي أن تمتلك المُدرّسة الكفاءة العلمية والأخلاقية التي تؤهلها لإعطاء الدرس. وصرّحت عن الصعوبات التي تواجه الطالبات في التعليم، إذ قالت: إنّ هناك فروقاً فردية بين الطالبات، وذلك يعود في بعض الأحيان إلى قلة التحصيل الأكاديمي، وهذا يشكل عائقاً في فهم أو تلقي بعض العلوم ومنها: النحو والمنطق. ما هي نشاطاتكم للتعريف بالمدرسة إعلامياً؟ تلقّت مدرستنا طلباً من مكتب المرجعية الدينية الرشيدة للتعريف بالمدرسة وبشكل مفصل. (من الله نستمد العون) إن تجذّر ما بذره سماحة السيد (دام عزّه) من خلوص النية نجده قد أورق في أصالة الفروع والأغصان، وأنتج بعونه تعالى ثمار حصاد الأخوات المدرّسات اللاتي تفانينَ وبذلنَ مجهوداً في سمو عقول الطالبات ليستوعب فكر أهل البيت (عليهم السلام) نهجاً ونظاماً وتطبيقاً، ورفد الساحة بالكفاءات والمبلّغات والتدريسيّات، ليتم عن طريقهنّ رفع المستوى الديني والثقافي في عموم الأوساط النسوية؛ وذلك بعون الله تعالى. وأخيراً شُكرنا وتقديرنا للأخوات العاملات في مجلة رياض الزهراء (عليها السلام) ونسأل الباري(عز وجل) أن يتقبل منّا ومنكم بقبوله الحسن الجميل وأن ينفعنا به يوم لا ينفع مال ولا بنون، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين. لقد خرّجت هذه المدرسة نخبة من النساء اللاتي رفدنَ المجتمع بالعلوم الدينية التي تعلمنَها، فالتقينا ببعض الطالبات اللاتي نهلنَ من هذه المدرسة، إذ قلنَ: إنّ مدرسة فدك الزهراء (عليها السلام) هي منبر من منابر العلم في مدينة كربلاء المقدسة، تعمل بطاقات تطوعيّة لبذل علوم أهل البيت (عليهم السلام) ونشرها للنساء من طالبات العلم خدمةً للدين، ولنا معها مسيرة طويلة.. فاحتضنتنا وتعلّمنا في أروقتها.. فطعم علوم أهل البيت (عليهم السلام) لا تنتهي لذاته ولا ينطفئ شوقه. واختيارنا لمدرسة فدك الزهراء (عليها السلام) ليس لخصوصية خاصة، ولكن على الإنسان أن يدقق ويهتم بالمصدر الذي يأخذ عنه العلم؛ لأن له علاقة بدينه وفكره، ومن ثمّ بآخرته، فكلّ بيئة نظيفة ينهل منها العلم هي بالحقيقة باب الوصول إلى الله(عز وجل)، وفدك الزهراء (عليها السلام) واحد من هذه الأبواب التي اخترناها, وبما لشخصية الأستاذ من تأثير وانعكاس في الطالب من حيث التقوى والأمانة العلمية والخُلق والتواضع. ولا ننسَ أن نذكر أنّ مدرسة فدك الزهراء (عليها السلام) وإدارتها مشكورة لمراعاتها لظروف الطالبات من حيث الوقت أولاً، إذ إنها تراعي أن لا يزاحم وقت دوام المدرسة الواجبات البيتية للطالبة وعملها الرسمي. والأمر الثاني، فالطرح المنهجي للمادة العلمية طرح دقيق وشامل؛ لذا ننصح كلّ النساء بالالتحاق بالمدارس الدينية؛ لأن المرأة كائن حساس وذكي ومؤثر في الوسط الذي يعيش فيه، فمن الضروري أن يتزود هذا المكان بكلّ ما يحافظ على دوره في تطوير هذا المجتمع الذي هو المنتج والمربي له، فتزود المرأة علمياً وتواجدها المستمر في أوساط علمية واختلاطها بطبقات متدينة يكسبها قيمة علمية وثقافية، ومن الضروري عدم الاعتماد كلياً على المدارس الأكاديمية؛ لأنه غالباً المرأة تنقطع عن تلقي هذه العلوم بمجرد التخرّج، وقد تكون هذه العلوم بعيده كلّ البعد عن التغذية الروحية التي نحن بأمس الحاجة إليها في عصر أصبحت فيه المادة هي الحاكم والمسيطر. إنّ الإنسان لينشرح صدره ويطمئن قلبه عندما يرى الأمة بشيبها وشبابها يتوجهون نحو العلم، فقد تركوا ملذّات الدنيا، وآثروا عليها أمراً يطلبون به النجاة في الدنيا والآخرة.