رياض الزهراء العدد 80 مناهل ثقافية
السيّدةُ الزَّهرَاءُ (عليها السلام) فِي كَلامِ العُرَفاء
طلبت السيّدة فاطمة الطباطبائي زوجة المرحوم السيّد أحمد الخميني من الإمام الخميني أن يكتب لها حول مقام مولاتنا السيّدة فاطمة الزهراء (عليها السلام)، فكتب عليه الرحمة والرضوان: “ابنتي العزيزة فاطمة تريدين من عجوز بائس، خالي الوفاض من المعارف والمعالم الإلهيّة، ما لا يستطيع العرفاء الكبار والفلاسفة العظام الاقتراب منه، وماذا يستطيع المرء أن يقول أو يدرك حول شخصيّة تتمتّع بآلاف الأبعاد الإلهيّة، يعجز عن تبيان كلٍّ منها القلم واللّسان؟ إنّه ليس بوسع أحد أن يعرف شخصيّة السيدة الزهراء المرضيّة والصدّيقة الطاهرة (عليها السلام)، سوى الذين ارتقوا مدارج الأبعاد الإلهيّة حتّى ذروتها، وهو ما لم يبلغه سوى أُولي العزم من الأنبياء والخُلّص من الأولياء، كالمعصومين (عليهم السلام). إنّها ظاهرة من مرتبة الغيب الأحديّة، كحال الخُلَّص الأولياء (عليهم السلام)، ويُخطئ مَن يدَّعي معرفة مقامها المقدَّس من العرفاء أو الفلاسفة أو العلماء، وكيف يُمكن إماطة اللّثام عن منزلتها الرفيعة، وقد كان رسول الإسلام (صلى الله عليه وآله) يتعامل معها في حال حياته معاملة الكامل المطلق، إنّك تطلبين منّي أن أتحدّث وأكتب عن هذه السيّدة العظيمة، فكيف لي ولقلمي ولغةِ البشر الحديث عن سيّدة كانت تستنزل جبرائيل كمثل أبيها، بقدرة الملكوت، من غيب عالم الملكوت إلى عالم المُلك، وتجعل ما في الغيب ظاهراً في الشهادة، فدعيني إذن أجتاز هذا الوادي المريع، وأقول بأنّ السيدة فاطمة (عليها السلام)، والتي هي هكذا في المراحل الإلهيّة الغيبيّة، قد ظهرت في عالم الشهادة وتجسَّدت كأبيها وبعلها في صورة بشر ظاهر، لتؤدّي دورها ورسالتها في شؤون عالم المُلك كافّة من تعليم وتعلُّم، ونشر للثقافة الإسلاميّة، ومعارضة للطواغيت، وجدٍّ من أجل قيام حكومة العدل، وإحقاق حقوق البشريّة، ودحض وتفنيد الدعاوى الشيطانيّة”.