المَرْأَةُ صَانِعَةُ السَّلَامِ

سوسن فاضل الطائي/ كربلاء المقدّسة
عدد المشاهدات : 213

منذ أكثر من ألف سنة أثبتت لنا الحوراء زينب(عليها السلام) وضربت لنا أروع الأمثلة في مواجهة الآلام والأحداث العنيفة التي صدمتها في بواكير حياتها، وكانت خاتمة سنوات عمرها نهضتها مع أخيها الحسين(عليه السلام)، فسجّل التاريخ وبكلّ فخر واعتزاز مواقف مشرفة وبطولية للحوراء في يوم عاشوراء وما بعد عاشوراء؛ حيث شاطرت الحسين(عليه السلام) منذ البداية ولازمته في نصرةِ الدين والرسالة الإسلامية، وحملت بعد ذلك مسؤولية رعاية الأسرى، وحماية الأطفال بعد أن فقدت كلّ الرجال ما عدا الإمام زين العابدين(عليه السلام) الذي كان مصاباً بمرض شديد لا يستطيع تحمل أعباء رعاية الأسرى، وكيف حامت عنه وحافظت عليه من يزيد بن معاوية لعنة الله عليه، فهنا صنعت دوراً مهماً في بناء السلام وضربت للأمة مثلاً رائعاً في الوقوف مع الحق والدفاع عن القيم والمبادئ الإسلامية أمام الجبابرة وحل النزاعات لتحقيق السلام. فالارتباط بالوطن ينشأ منذ الصغر، والمرأة التي تحمل سلاحاً لتواجه أعداء زمانها وتتحدّى الصعاب, هي التي تُنشئ جيلاً محبّاً للوطن، فهي التي تربّي، وتبني، وتؤمِّن العقول والأجيال؛ لتصنع المستقبل عن طريق دورها في بيتها وعملها, وفي تربيتها لأولادها على الفضيلة وحب المجتمع، والوطن، والإخلاص لهما, فهي بذلك صنعت السلام في بيتها أولاً, وفي مجتمعها ثانياً, عن طريق سماتها السمحة وطيبة قلبها وقيمها الرصينة، وحيثما وقعت حرب أو اندلع نزاع فبدل أن تكون المرأة أُولى الضحايا, يجب أن تكون جزءاً من الحل سواء لمنع النزاع أو للتوصل إلى التسويات أو في عملية الانتقال من الحرب أو النزاع إلى السلم أو في إرساء عملية السلام. إنّ مثل هذا الدور لا يزال مهملاً أو محدوداً وقاصراً على صعيد القوانين الوطنية أو الدولية، بل أنّ الآليات لا تزال غير كافية ولا تلبّي الحاجيات الضرورية لإعطاء المرأة الدور المطلوب في منع النزاعات وفي حلّها، كما أنّ مؤسسات المجتمع المدني ومنظّماتها التي لها خبرة على الصعيد الإنساني لا تزال ضعيفة ومحدودة لا تلبّي طموحات مشاركة المرأة، يُضاف إلى ذلك أنّ بعض النساء يتجاهلن مثل هذا الدور، وهناك نموذج من النساء اللاتي قدّمنَ أبهى صور الجمال في صناعة السلام في وقتنا الحاضر وسطّرن أروع الأمثلة في نشر السلم والدفاع عنه بأعمالهنّ البطوليةِ التي أصبحت رمزاً مسجلاً للدفاع عن أرض الوطن، وتصدّت لإرهابيي داعش وانتصرت عليهم بالشهادة معلنة عدم خوفها من الموت في سبيل الله(عزوجل). إنّ المرأة العراقية تميّزت بالتفاني، والصبر، والقدرة على تحمّل المعاناة، والنتائج الكارثية لموجات الحروب، والحصار، والإرهاب على مدى السنوات وما زالت تُكابد لتواصل الحياة, وتشارك الرجل في صنع السلام, والمستقبل المشرق وسط الظروف الصعبة من أجل وطن ينعم بالأمن والأمان والسلام والطمأنينة.