رياض الزهراء العدد 146 منكم وإليكم
فِي هَذَا العَصْرِ
في عصرنا هذا توجد دوامة باسم "الملل" في كلِّ مكان، البيت، العمل، المدرسة، لنقضي أغلب أوقاتنا في العبث بأمور تضر ولا تنفع. هناك صنف من البشر يعدّون مصدر السعادة هو جمع المال، المال بالنسبة لهم من أساسيات الحياة وهناك صنف آخر يعد التقرّب من الله هو مصدر السعادة الحقيقية والأبدية، لا تهمهم ماديات الحياة، لديهم ثقة كبيرة واعتقاد بـ: أن كنت مع الله تعالى فسوف يكون الله معك أينما كنت وفي أحلك الظروف، سيأخذ بيدك إن وقعتَ ولن يخذلكَ أبداً، هم يكدّون ويجمعون المال بعرق جبينهم وبكلّ أمانة وإخلاص ليطعموا أولادهم لقمة الحلال، ليس هدفهم هو جمع المال إنما هدفهم هو القرب من الله تعالى وإحدى وسائله هي جمع المال الحلال وإنفاقه في سبيله(عزوجل). إنَّ العلاقة العميقة بين العبد وربّه هي السعادة ومحال أن يسعد الشخص بدونها. هناك الكثير من الناس الذين لا يميّزون بين طريق الحق والباطل بسبب وجود الغشاء الذي غطّى عيونهم، فأصبحوا يرون العالم بشكل سطحي، يجهلون الكثير من الحقائق والمفاهيم الواضحة أحياناً، فمن منّا لا يعلم أنّ هناك جنة وناراً، ومَنْ منّا لا يعلم بأنّ العبد الصالح سيدخل الجنة والطالح النار؟! لكن مع ذلك لا يبالون ويقترفون شتى أنواع الذنوب والآثام، هذا بسبب الجهل، هذا بسبب الغفلة! إننا وفي هذا العصر بأمسّ الحاجة إلى أن نثقف أنفسنا ونبحث عن الحقائق التي نجهلها، نحن جميعاً موظفون بطلب العلم وعدم تسويف الوقت، لكن المبالاة والتهاون والغفلة وتضييع الوقت هي سبب المشاكل التي تحدث في مجتمعاتنا. الأمر الطريف هو أنّ أساس العلم لدينا نحن المسلمون، ولولا علماؤنا المسلمون القُدامى لما حصل ما حصل من انتشار في العلوم، والفضل كلّه يعود إلى القرآن الكريم وأهل البيت الأطهار(عليهم السلام)، وما أعطونا من علوم متنوّعة ولا متناهية. إنّ الأعداء قد زيّنوا لنا كلّ قبيح ووضعوه بكؤوسنا، ونحن تجرعناها بكلّ بطمأنينة مخدوعين بكلماتهم المعسولة التي تحمل في جوفها السم القاتل. إن شغلهم الشاغل هو أن نكون جهلاء، كم ألهونا بإعلامهم المليء بالسموم الدفينة، لماذا؟! ببساطة لكي يحوّلوا مجتمعنا الإسلامي من مركز الثقافة إلى مركز الجهل، ولكن هيهات فلن يحدث ما قد خططّوا له أبداً (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ * وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)/ (الأنفال:30). إنّ الله سبحانه أمر بالبراءة من أعدائه وهؤلاء الذين يحيكون للإسلام الخطط هم أعداء الله تعالى، علينا أن نبرأ منهم ومن كلّ عمل شنيع أمسى مباحاً وغير مستنكر بسببهم. أمامنا طريق قلّ سالكوه علينا أن نسلكه، طريق "اليقظة من الغفلة" علينا أولاً أن نعمل على أنفسنا كي نكون جديرين بتغيير العالم، يجب علينا تعطيل تلك القنابل الموقوتة. يجب أن نعرف ما هو هدفنا وكيف سنتوصّل إلى ذلك الهدف. وأيضاً، في عصرنا هذا الذي كثر فيه النفاق وندر فيه الوفاء، علينا أن نجعل من الكتاب رفيقاً لنا، فالعلم هو ما سيخرجنا حتماً من الظلمات إلى النور، كلّ ما علينا هو أن نتخذ منه رفيقاً أبدياً لا نخذله ولا نتركه أبداً مهما كانت الظروف.