رياض الزهراء العدد 146 منكم وإليكم
سَفِيْرُ الشَّهَادَةِ
في زمنٍ من الأزمان تسيّد الظلم في حضرة الإيمان وعثي في الأرض فساداً وتسلّط على الرقاب تحت رداء الدين وقلب الموازين ولكن في الكفة الأخرى شمس الحق واليقين وآن للحقيقة أن تجلي الظلمة والظلم عن وجه الدين الحنيف على يد رجلٍ يدعى الحسين(عليه السلام). الحدث الأول: مسلم بن عقيل يُعيَّن سفيراً للدولة الحسينية اختار الحسين(عليه السلام) مسلم بن عقيل(عليه السلام) سفيراً للنوايا الحسنة وأرسل كتابه "ببسم الله الرحمن الرحيم أمّا بعد: فقد وصلتني كتبكم، وفهمتُ ما اقتضته آراؤكم، وقد بعثتُ إليكم ثقتي وابن عمّي مسلم بن عقيل، وسأقدم عليكم وشيكاً في أثره إن شاء الله والسلام".(1) الحدث الثاني: الفتى السفير والدبلوماسي القدير يتّجه إلى الكوفة ارتأى الإمام الحسين(عليه السلام) أن يرسل مندوباً عنه لكي يصف له الواقع والأحداث ويقرر عنه الموقف المناسب، ولابدّ له من أن يختار سفيراً يحمل صفات السفارة وها هو مسلمٌ يُعيّن سفيراً وأميناً، اتّجه مسلم إلى أرض الكوفة مع الدليلين وهو يحمل رسالة سيّده، ما أصعب السير في تلك الصحراء الجرداء وهو يتحمّل تلك الصعاب ويحمل على عاتقه رسالة الإسلام والسلام وتطول الأيام ويشتد العطش، ويلم به الجوع ويموت الدليلان ويبقى مسلم وحيداً بين عناء السفر وبُعد المقر، وما هي إلّا أيام ويطأ أرض الكوفة. الحدث الثالث: دخول سفير الحسين وثقته وابن عمّه مسلم بن عقيل(عليه السلام) إلى الكوفة العلوية المقدّسة في الخامس من شهر شوّال سنة 60 للهجرة سفيراً ومبعوثاً من قبل الإمام الحسين(عليه السلام) قادماً من المدينة المنورة (يثرب). بعد أن طوى البيداء ودخل أرض الكوفة الغرّاء وحيداً متعباً غريباً، لا يعرف أهواءهم ولا يثق بهم، وأمره الإمام أن يكتم أمره ولا يفشي سرّه حتى يعرف طاعة الناس له، فنزل في بيت رجل أصبح فيما بعد ثائراً وناصراً ألا وهو المختار الثقفي، وأصبح منزله مقرّاً لثورة السماء واستقبل مسلم بكلّ حفاوة وتكريم وأخلص للحسين(عليه السلام) ووجد مسلم ترحيباً وتأييداً له ونصرة لابن عمّه، ولم يستغرق الأمر حتى اجتمع عليه الألوف وبايعوا الحسين(عليه السلام) في حضرته. الحدث الرابع: كتاب مسلم بن عقيل(عليه السلام) إلى الحسين بن علي(عليه السلام): بعد اطلاع مسلم على وعود أهل الكوفة ووثوقه بنجاح الدعوة وبعد ما بايعه الكثير من أهل الكوفة، كتب كتاباً يحثُّ فيه الحسين(عليه السلام) للقدوم إليهم، وكان ذلك قبل شهادته(عليه السلام) ببضع وعشرين ليلة قال: "أمّا بعد: فإنّ الرائد لا يكذب أهله، وقد بايعني من أهل الكوفة ثمانية عشر ألفاً، فعجِّل حين يأتيك كتابي، فإنّ الناس كلّهم معك، ليس لهم في آل معاوية رأي ولا هوي".(2) ....................................... (1) الأخبار الطوال: ص210. (2) الطبري: ج6، ص244.