مِن مَنهَلِ الكَوثَر

زينب نوري الربيعي
عدد المشاهدات : 133

يعجز القلم، والقلب يأبى إلّا أن يبوح بشيء من نور هذا الحب والإجلال لهذه السيّدة التي اشتملت بالعظمة والوقار، وتُوّجت بالعزّ والفخار، اصطفاها ربّها الجليل لتكون أماً للائمة الأطهار الميامين. ونوّه إلى عالي مقامها في محكم التنزيل، وسورة (هل أتى)، (وإنا أعطيناك الكوثر) خير دليل. حقيقة واضحة وضوح الشمس، إنّ للسيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) مميزات وصفات متفرّدة، إذ استحقّت (عليها السلام) هذا المقام الرفيع بإيمانها وإخلاصها ويقينها وصبرها وجهادها وطاعتها الخالصة لله تعالى ودفاعها عن الدين والتضحية في سبيل مبادئه وأحكامه السامية، حتى مضت إلى ربها بعد أن تجرّعت كلّ أنواع الإيذاء والقهر من الهجوم على دارها لأكثر من مرة، وإضرام النار على بابها ثم عصرها خلف الباب، وكسر ضلعها، وإسقاط جنينها، ثم التعدّي عليها بالضرب حتى أعلنت عن غضبها عن طريق وصيّتها بأن لا يحضر جنازتها مَن أذاها، وأن يُخفى قبرها الذي ما يزال مستوراً إلى الآن. إن السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) تحملت هذه الآلام والاعتداءات من أجل حماية الدين، وحفظاً لكيان الأمة الإسلامية، وتنازلت عن حقّها لتردع المتآمرين على الإسلام والمتربصين به لمحوه، وعلى كلّ مسلم أن يكون شاكراً لتضحياتها الجليلة، وذلك عن طريق السير على نهجها في الوقوف ضد الأخطار المحدقة بالإسلام وتعاليمه وأخلاقياته الراقية، والوقوف ضدّ الهجمات غير المسبوقة من قِبل أعداء الإسلام، فالكلّ في سباق للقضاء على الإسلام وتذويب المسلمين في ثقافات غريبة ومضادة لمبادئ الدين الإسلامي؛ لأن الإسلام يقف عقبة في وجه مخططات الشيطان وأعوانه الرامية لجعل كلّ بقعة على الأرض تحت إرادة شيطانية؛ لأن الأعداء المتربصين بنا يدركون أنّ الوقت قصير لنهايتهم الحتمية، وهم يُعدّون العدة بكلّ خبث ولؤم على كلّ صوت يدعو إلى الله تعالى.