رياض الزهراء العدد 147 لحياة أفضل
المَوضَة والمُودِيلِ حقِيقَةٌ أَمْ تَقِليدٌ أَعمَى!
مهما وصلت الموضة إلى درجة من الجمال لن تكون أجمل من الستر والحياء، انتشرت في العصر الحالي آخر صيحات الموضة، فأخذ شبابنا ينجرفون وراء هذا التيار الخطير، وأخذ يطرق أسماعنا بين الحين والأخر عبارات: أريد أن أكون شبيهاً بالفنان الفلاني، أو أريدُ أن أرتدي مثل الفنانة الفلانية، متناسين الإسلام دين الفطرة والعقل والعلم. إن السعي المستمر وراء ذلك يؤدي إلى مشكلة اجتماعية واقتصادية، فضلاً عن مضيعة الوقت بسفاسفِ الأمور، إذ تعدّى البحث عن الظهور بمظهر مقبول، وإنما أصبح يتغلغل بشخص الإنسان ذاته، وقد نهتنا الشريعة السمحة عن التقليد الأعمى، وإن كان من أقرب الناس لنا، قال تعالى: وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أو لَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ/ (البقرة: 170) وعن أمير المؤمنين علي: «.. فإنه من تشبّه بقوم أوشك أن يكون منهم ». التقليد لم يكُ مقتصراً على الموضة بل تعداها إلى الأقوال والأفعال متغافلين عن أنّ كرامة هذا الإنسان بشخصيته، فالتقليد ما هو إلاّ تجميدٌ للفكر والعقل، فهل سألنا أنفسنا: ما الدافع وراء التقليد؟ وما سبب ذلك؟ هل هو قلّة وعي وإدراك أم غياب الدين ودوره الكبير في ذلك أم الدور المغيّب للأهل في تربية الأبناء وتنشئتهم. وهنا تكمن المشكلة الحقيقية، إذ إن بعض الأسر تقوم بدلال أولادها، وهذا يؤدي إلى مردود سلبي، فانعدام الحوار معهم وعدم توجيههم إلى الطريق الصحيح يكون باباً لذلك، فيجدون الارتياح بتقليد نماذج في المجتمع ليست جديرةً بالاّتباع، ومن ثم فقدان القدوة والأصالة، والأكثر عرضة لهذا الشيء هنّ الفتيات؛ لطغيان العاطفة والشعور المرهف عندهنّ، فضلاً عن اعتقادهنّ بجذب مَن حولهنّ عِبْر ذلك التقليد؛ ولكن أيتها العزيزة هذه الجاذبية ظاهرية فقط، غير نابعة من قوّة الشخصية؛ لأنّكِ آثرت الاختباء خلف شخصية تعتقدين أنها أفضل منكِ، كوني القائدة التي يقتدون بها ويقلّدونها، ولا تنقادي وراء شخصيات الآخرين وأفعالهم. ختاماً أقول لشبابنا العاقل والواعي إن الهندام والظهور بمظهر حسن والاعتدال فيه أمر حسن وممدوح من قبل الشريعة الإسلامية؛ لأنه يتوافق مع الفطرة السوية التي يحرص عليها كلّ فرد ذو طبع سليم، ولكن الإفراط والتفريط فيه، والتقليد الأعمى لكلّ ما يُبتدع هذا هو المرفوض والمذموم الذي لابدّ من الوقوف ضّده والإشارة إليه.