رياض الزهراء العدد 147 لحياة أفضل
المحَبَّةُ بِدُونِ قَيْدٍ أَو شَرْط
هو الحبّ يأتيك غفلة.. بلا موعد.. هو الحبّ.. أحرف وابتسامة قلب مسهّد.. هو الحبّ شمس.. أنجم في أكفّ العاشقين.. وليل طويل.. حريّة في أزقّة سجن مؤبد..!. هو الحبّ دنيا.. ثمّة شرارة تنبعث في قلبٍ صغير تكبر معه لحظة فلحظة، عاماً تلو عام ترسم شكل ضحكاته، دمعاته صخبه، هدوءه، خطواته الأولى، كلماته الأولى حتّى يصبح ما هو عليه. تنمو قلوب مُطَفأة لا يشعل وهجها أيّ شيء، لا تُبصر الجمال، ولا تفقه لغة العيون، لا بوح للهمسات، لا ضجيج للمشاعر، قلوبٌ مسكينةٌ بائسة، تُطفئ كلّ مَن حولها وتهدم أحلامهم، هكذا هي لا جدوى من البوح أو السكون. وتنمو قلوب بوهج الفصول، تجتاح العالم حبّاً، عطرها مختلف المزاج، أجنحتها لا تعرف لوناً أو مكاناً أو زماناً، قلوبٌ حرّةٌ تشرق حتّى في انكسارها، تُطعم حتّى في جوعها، تحتضن في عزّ جرحها، طليقةٌ نقيّةٌ كحمامة حضرة الإمام الحسين، تألف كلّ زائر، وتحلَّق فوق كلّ قلبٍ جريح. الحبّ تارةً يكون رجلاً وأخرى يكون امرأةً.. كفّيْ طفل ناعمتين.. فرشاةَ رسّامٍ.. قلمَ شاعرٍ.. حقيبةَ مسافرٍ.. ذاكرةً منسيّةً.. طرقاتٍ موحشةً.. شمسَ شتاءٍ.. قطراتِ ندًى.. أكفّاً تمسح على رأس يتيمٍ.. وطناً.. كلٌّ ما في الكون حبٌّ.. كلّ ما يجتاح روحك حبٌّ، ليس المهم ما هو الحبّ، الأهم هو كيف نحبّ. كيف يكون لأيّامنا معنى.. لكلماتنا معنى.. لحزننا معنى.. لذاكرتنا لأفراحنا لأدمعنا، كيف؟ كلّ المشاعر يقتلها الظلم والقسوة والإجبار، العنف والتجريح، الإهمال، واللامبالاة تقتل كلّ شيء، من غير الممكن أن تتكون المشاعر مع هذه الصفات، فإذا ما أردنا أن نعرف الحبّ ونعيشه لزام علينا أن نتسامح مع ذواتنا، ومع العالم المحيط بنا، أن نمنح بصدق.. أن نعفو بلين.. أن نكون شجعاناً في أفعالنا وأقوالنا، أن نكون أوفياء مع ذواتنا أنقياء، أذا ما امتلكنا هذه الصفات سنعرف كيف نحبّ، وسننعم بحبّ الآخر لنا. ربّما يتساءل الكثير لماذا أصبحنا نتوق إلى الحبّ، إلى الإخلاص والصدق والنقاء في كلّ شيء، وكلّ علاقة نفتش عنها في كلّ مكان، ونشكو انعدامها وكثير ما نسمع تلك الكلمات (الزمن تغيّر، والناس تغيّرت وذهبت الطيبة مع أهلها)، أليس هذا ما نقوله؟ تُرى أين ذهبت الطيبة؟ وهل ذهبت أم نحن مَن لا يبصرها! ماذا نفعل كي نستعيدها؟ ربّما علينا أن نحسن الظن، ونفعل مع الآخر ما نحبّ أن يفعله معنا، ونتحاور بشفافية، ونعطيه الحقّ في الدفاع عن نفسه؛ فالتقبّل ضروريّ في استمراريّة العلاقات وإنجاحها ولا تكوّنوا سيوفاً على رقاب من تحبّون، ولا تبصروا الشوك، وتغفلوا عن جمال الزهر، فثمّة أشواك رقيقة متعبة من شدّة الظمأ. فلنتخلَّ عن جلد ذواتنا وجلد الآخر، لنكون سعداء. السعادة حبّ الله(عزوجل)، حبّ الذات، وحبّ الآخر، حينما تجد الله(عزوجل) في أعماقك في كلّ حين ستنعم بحبّ حقيقيّ من دون قيود، من دون خيبات.