رياض الزهراء العدد 147 لحياة أفضل
الجَدوَلُ العَذْب
في عزلة المكان جالسة واضعة كلتا يديها المتعبتين من قسوة السنين على عكّازها القديم، ملقية برأسها المثقل بالحزن المملوء وحدة على يديها. تراقب نسمات الشتاء الباردة تتخلل إلى زوايا غرفتها التي باتت باردة كقلبها من صقيع الجفاء والنكران، وتستمع إلى أصوات صبية يلعبون ويمرحون، وفجأة اتجهت خطواتهم نحو الباب ،تعالت الأصوات: إنه أبي «مرحبا بابا»، تسارعت نبضاتها ونادى قلبها الحنون مع نداءاتهم البريئة: ابني الغالي، وتمنّت أن تكون مع هؤلاء الصغار لتستقبل ولدها الغالي كأيام زمان، فهو نادراً ما يتذكر أن يمرَّ بغرفتها أو يسأل عن حالها، لقد خلق في عينيها دمعة ساخنة وفي قلبها أنّة حانية ،إنّ الولد قطعة من كيان الأم، فلماذا الصد والجحود؟! عُدْ ياَ بَنيّ طُلَّ على مَن لو رفعت يديها بالدعاء لك فلن يُردَّ، عُدْ واجلس عند قدميها واطلب العفو والرضا، ففي رضاها رضا الله تعالى. عُدْ وأسمِعْها عبارات الشوق والاحترام والتقدير ،عبِّرْ لها عن تقصيرك في حقّها، وأنك مهما فعلت لا تفي بحقّها. ارجع وفي عينيك نظرات الندم ، وفي يديك زهور الاعتذار؛ لتسعد قلب أمٍّ غالية.