رياض الزهراء العدد 147 الحشد المقدس
لَحَظةُ تَمَهُّل
شهيدٌ كلّمة أمست في حياتنا كالبيت العتيق! مهما سكنّا قصوراً يعود بنا الحنين لزيارة تلك الصور وتلك القصور.. فتستند أيدينا على تلك القصور، وترتّل الأصوات سبع المثاني، وقد أُصيبت جدران قلوبنا بوهن الحزن، ونبكي الفراق.. كنّا صغاراً وقد ارتسم في مخيّلتنا أنّ الحزن لونه أسود وطعمه مرّ! مازالت تلك هي صورته في مخيّلتي.. حتّى زارنا الخذلان وهو يحمل لون البياض إلّا في تلك الضفائر الدقيقة والعينين المترصدة.. وعندما التقى الحزن والخذلان، وهما يرتّلان سبع المثاني تحاورا.. اكتشفت أنّ بشرة الحزن بيضاء / وذات طعم حلو/ رائحة الأجداد/ وتخليد الأمجاد.. فيا وطني مذ أن سمعت أصواتاً أجهشت بالفتوى وأنت خففت حمل السفينة/ بما يضمن لمن بقي فيك يا وطني أنّ يعيش على أمل بسم الله مجراها ومرساها.. فلا تبحث يا وطني في البحر عمّن رميت.. فبحر الشهادة لا يعيد ما مُنح.. وفي لحظة تمهّل.. طلبنا من الشهيد أن يلقّننا الشهادتين قبل أن يمضي.. فالمرء يُبعث على ما مات عليه.. حشرجة حروف الحرب تُؤلمني.. وحكاية الشهداء باتت تطرّز على صدر الحياة.. في بلاط الشهادة يكون الصمت خاتمة الأنقياء.. خوذة وصورة/ امرأة مسنّة/ وامرأة في مقتبل العمر/ طفلة صغيرة يعلو صوتها فرحاً، وأخرى احتجاجاً.. عذراً أيّها الزمن، إنّها تفاصيل عالقة في ذاكرتي من زيارة لبيت شهيد من الشهداء..