رياض الزهراء العدد 147 منكم وإليكم
فَدَك مِنْحَةُ السَّمَاء
يكافِئ الإسلام المسلمين الذين كانوا يخوضون المعارك والغزوات مع الرسول(صل الله عليه وآله وسلم)، وذلك بأن ينالهم نصيب من الغنائم التي يحصلون عليها عند انتصارهم، وتوزّع عليهم وفق ما أراده الله ورسوله(صل الله عليه وآله وسلم)، وفدك من الغنائم التي أفاء الله(عزوجل) بها على نبيّه محمّد(صل الله عليه وآله وسلم)، وذلك عندما فتح المسلمون حصن خيبر،هنا قذف الله الرعب والخوف في قلوب اليهود من أهالي فدك، فخفّوا مسرعين إلى رسول الله(صل الله عليه وآله وسلم)، فصالحوه على نصفِ أراضيهم، وعندما وُزّعت الغنائم كانت فدك خالصةً للرسول(صل الله عليه وآله وسلم)؛ لأنّه لم يوقف عليها بخيل ولا ركاب ليثبت فيها الخمس فقط، وإنما كانت كاملة له. فدك هي قرية من قرى الحجاز، بينها وبين المدينة يومان أو ثلاثة، وهي من قرى اليهود، ولمّا صارت تحت قبضة النبيّ(صل الله عليه وآله وسلم) نزلت الآية الكريمة: (وَآَتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ)/ (الإسراء: 26) قاصداً بذلك ابنته فاطمة(عليها السلام)، فقد تواترت النصوص على أنّ النبيّ استدعى ابنته وأعطاها فدكاً والعوالي، وقال لها: هذا قسم قسمه الله لك ولعقبك. وتصرّفت فيها سيّدة النساء(عليها السلام) تصرّف المالك في أملاكه، وكانت المورد الاقتصادي لها ولأهل بيتها (عليها السلام) ومَن تنفق عليهم، فكانوا ينتفعون بها، وكان الرسول(صل الله عليه وآله وسلم) قد منحها لها في حياته وأشهد عليها عليّاً والحسنين (عليهما السلام) وأمّ سلمة وسلمان المحمّدي. وعند وفاته صُودرت من الزهراء(عليها السلام)وأُودعت لبيت المال، ثم وُهبت لآخرين بحجّة أنّها تابعة للنبيّ(صل الله عليه وآله وسلم) وأنّ الأنبياء لا يورّثون، ورغم مطالبة الزهراء(عليها السلام) بها وتقديمها الحجج، لكنّهم أبوا أنّ يردّوها إليها، فكانت تلك مَظلمة من المظالم التي لحقت بالزهراء(عليها السلام) وأهل بيتها، فقد كانت حقّاً شرعيّاً للزهراء(عليها السلام) وذريّتها من بعدها، ومنحةً منحتها السماء لها. خطبت سيّدة نساء العالمين(عليها السلام) خُطباً عدّة ذكرت فيها عبارات من أعاظم ما تركه أهل البيت(عليهم السلام) من أدلّةٍ على مظلوميتهم حتّى تناقلتها الألسن وكتبتها الأيدي على مرّ العصور لترسم فيها نقاطاً مهمّة للمرأة المسلمة عن كيفية أخذ الدور في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا تحتم عليها، مع حرصها الشديد على العفّة والستر، وتجنّب الوقوع في مصائد الفتنة. فكانت لنا فاطمة(عليها السلام) طالبةً للحق وصاحبةً لحقٍ قد غُصب منها، وعمدت إلى إثباته واسترداده عن طريق القانون. ...................... (1)حياة سيّدة النساء فاطمة الزهراء(عليها السلام)، الشيخ باقر القرشي: ص420، ص421، ص423. (2) معجم البلدان: ج4، ص 238. (3)حياة سيّدة النساء فاطمة الزهراء(عليها السلام)، الشيخ باقر القرشي: ص 422.