رياض الزهراء العدد 147 منكم وإليكم
مُمَهِّدَةُ الفَضَائِل
السكينة النفسيّة والجسميّة لها تأثير واضح في تفجير الطاقات والاستعدادات الفرديّة والاجتماعيّة، وبلا تردّد هناك ارتباط بين السكينة والسلامة النفسيّة والتوسعة الإنسانيّة في شتّى مجالات الحياة. فالإحساس بالأمان والراحة النفسيّة في العائلة والمجتمع له تأثير واضح في تقدّم الحياة البشرية، وتفجير مكامن الطاقّة التي يستفيد المجتمع منها، وتكون عاملاً مهماً في تقدّمه، فالسكينة من نعم الله(عزوجل) على الإنسان، وبظلّها يستطيع تسيير أموره اليوميّة بشكلّ طبيعي. فذكر الله(عزوجل) يبعث على الراحة والأمان والسكينة القلبية، إذ قال تعالى في كتابه العزيز: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَسهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى )/ (طه: 124). والسؤال الذي يطرح نفسه: ما المسائل التي تسلب راحة الإنسان وسكينته؟ فالتفكير بالآخرين، والإطاحة بهم وغلبتهم، والطمع، والغيبة، وسوء الظن، كلّ ذلك يسلب الراحة والاطمئنان من الفرد، ومن ثَمَّ تمنعه من الإنتاج، والتفكير بشيء جديد يتقّدم به إلى الأمام، وذكر الله(عزوجل) يمنعه من التفكير بما تقدّم، ولا تصيبه الأمراض السالفة، ويكون معافىً سليماً يمنح نفسهُ السكينة، فيغيّر تفكيره بما يُرضي الله(عزوجل)، ويسعى إلى أن يكون فرداً فعّالاً في المجتمع. فكلّ أمرٍ يساعد على إعمار الأرض وتقدّم البشرية من الناحية الفكريّة والعلميّة هو بلا شكّ يُرضي الله(عزوجل) ؛ لأنّه لا يحبّ للإنسان أن يعيش بالعبثيّة، وهو الذي لم يخلقنا عبثاً. لذلك نظر القرآن الكريم إلى السكينة والأمان بعنوان عامل مهم في إيجاد الروح الإيمانية والسعادة الإنسانية، ولها زوايا وجوانب متعّددة منها: السكينة الجسدية والمعنوية، والسكينة العلمية والاقتصادية، إذ عندما يُقال: فلانٌ ليس لديه أمنٌ وظيفيّ يعني: لا يعلم ماذا يحصل غداً لحالته المعيشية، فيعيش حالةً من الاضطراب، وينعدم عنده الأمان، فتطغى على حياته العبثيّة وتشتّت البال، والله(عزوجل) خلقنا فأحسن خلقنا ودبّر أمرنا، وكان أمره بعيدًا عن العبثية (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ فحسبتم)/ ( المؤمنون: 115) فالله(عزوجل) خلقنا لهدف وغاية، وهي عبادته، ومن أجل أن نكون عِبادًا له يجب علينا السير نحو المعرفة، التي توصلنا إلى لله(عزوجل) والكمالات المعنوية. لذلك يجب الإندماج بين التقدّم المادّي والمعنويّ مع بعض، ليكوّنا لنا حضارة سليمة، ولا يمكن ذلك إلّا عن طريق الراحة النفسية والأمان المادّي الذي يمكن أن نعبّر عنه بالسكينة، وللأوّلى الأولويّة.