رياض الزهراء العدد 147 ألم الجراح
جِرَاحُكَ وَهَمسُ الزّهُور
في سلوة الشجن العابر.. في ضريح العشق وحيث محاضن النقاء.. يبقى صوت الطفولة يزهو بلحن البراءة يمازج مباهج الحياة وصفوة الجمال.. ترى في محراب العسكريين(عليهما السلام) أطفال تُمارس شعائرها العفويّة.. تقبّل أفواههم الشباك المقدّس بنهمٍ واشتياق، يغزلون حديثهم ليغازلوا مقامكم.. يا صاحبي المقام يتلذّذون برسم صفاتكم على لوحات قلوبهم تبرعمت.. أغصان عقولهم من تلألأ ندى كلماتكم مشفرة تلك هي العلاقة.. المخطوطة بين الطفولة والإمام لم يطأ أحد تأريخها.. ورُغم ترانيم منارتك الصامدة التي توقظ الحنين وتجلب الفرح.. يُرى أحزان دفينة ووجوم يغزو ثنايا كلّ سنوات انتظارك.. للفرج يُرى في قدسيته تاريخ الأجداد الأطهار المبلل بدمعات اليتامى.. ومن ذكرى جراحك يا سامراء المختبئة بين أروقتك الطاهرة.. سافرت إلى وجعكِ الذي أحط في الروح جمراً.. يعزف من ثقب التاريخ المنسي ألحان لآهات وألم.. وجع لشهيدين صغيرين.. سُكبت دمائهما الزكيّة لتسقي عطش الأرض فأمتزج وجع أشلائهم بوجع.. الأرض فأنبتت أزاهير وريحان بعطر الجنان.. روحان من بين فرث ودم خرجا خالصان.. ومن بين همٍّ وغمّ خرجا مبتسمان.. تجد فيهما دويّ مسلم بن عقيل(عليه السلام) وجرحه النازف.. تجد فيهما حبّه للشهادة كحبّهم للتهليل.. حيث سلّمهم تذكرة سفرهم نحو عالم الخلد الأبديّ وهداهم.. إلى بوابّة النصر الموعود وعد سماويّ ميثاقه من الحبيب المصطفى(صل الله عليه وآبه وسلم). روحان صادرت وتوارت خلف الأقفال والقضبان.. قتلهما جبن شهد عليه جند السماء.. روحان سبحت إلى رحب الفضاء تنعم بالشدو في عالم الأمان.. لينسل من مآذنك يا سامراء قهر له غبار مرّ يحرق حداد الفصول.. وليكتب فيهم قصيدة شربت مدادها من اليتم الأليم.. وليتفجر للثأر الطفولة جذوراً وأغصان.. لن يسامح من يقطع حبل الحياة الذي أطلّ.. لن يسامح من قتل حلم الزهور بالسلام.. لن يسامح من جاء بالسم وسمم الروح البريئة وبالموت وصل.. لتحلّق تلك الأرواح الطاهرة بجناح الرحمة تحتضنها رحمة السماء.. وتلاقيها ملائكة الرحمن كأنّها سرابيل من نور شيّعتها إلى بارئها بموكب مهيب.. يسير بحكمة بالغة في مجرى مرسوم ليجبر فيهم خاطر المظلوم.. وليواسي القدير دموع قبّتك الحزينة.. ليجمع الحبّ في حناياك شملنا.. بعد إنّ طاف بنا الحقد في متاهات الشتات.. أعلم يا ضريح العشق أنّ جراحك لم تنتهِ.. لكنّي لم أزل على بوابات حرمك انتظر وأترقب.. لعلّ في خريف الأماني تستيقظ الأزهار.. فأنا لا أعرف سوى الانتظار..