المَرْأَةُ فِي مَصْنَعِ الحُجَّةِ

فاطمة الركابي/ ذي قار
عدد المشاهدات : 134

إنّ المرأة الناضجة لا تذهب إلّا لمنابع النور لتُصنع معنويًا، والإنسانة المحبّة لله لا ترضى إلّا بالتشبّه بمَن تُحبّه، ولم يُخلِ سبحانه الأرض يوماً ممّن هم منبع فيضه ونوره ومحبّته؛ فعليها أن تعرف ذلك المعين الصافي لتقصده، وتسقي وجودها منه، وتقتدي به، فتكون مثلما أراد لها تعالى لتصل إلى كمالها الإنسانيّ. وأحد مفاتيح هذه المعرفة موجود في زيارة آل ياسين للإمام الحجة(عج الله فرجه الشريف)، في إحدى عباراتها: (السَّلامُ عَلَيْكَ يا تالِيَ كِتابِ اللهِ وَتَرْجُمانَهُ)(1)، تبيّن أحواله ومقاماته(عج الله فرجه الشريف) التي هي مصنع لعقيدة المرأة المؤمنة به، بقدر ما تتمكّن من الاستلهام منها وتجسيدها لتكون من أهل الاتّباع الحقيقيّ فكراً وسلوكاً، وهنا وُصف إمامها الحجّة(عج الله فرجه الشريف) بأنّه (تالِيَ كِتابِ اللهِ وتَرْجُمانَهُ). فمتى ما كانت المرأة تاليةً لكتاب الله وتتّبع آياته وتعاليمه تأمّلاً وتدبّراً، كانت مصداقاً لقوله تعالى: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ)/(ق، الآية 37)، فلكي يكون كتاب الله مؤثّراً في حياتها ومذكّراً ومنهجاً وواعظاً، لابدّ من جود المتأثر وهو القلب الواعي، ووجود القابلية للتأثر عبر الإصغاء لما تتلوه، وعدم وجود شاغل يشغل فكرها عمّا تُصغي إليه؛ عندئذٍ تأخذ جذوة قلبها بالاتّقاد بنوره، ويَحصل الامتزاج والتعايش مع تعاليمه وتوجيهاته، وأوامره ونواهيه، فينعكس ذلك النور على وجودها وسلوكها، وعلى طبيعة أهدافها وغاياتها في هذه الحياة، لتصبح بذلك من أهل الترجمان، صانعة لنفسها ولبني الإنسان ممّن يَهبهم لها سبحانه من أبناء، بل وكلّ مَن لها معهم علاقة ورابطة وصِلة أخوية؛ فلابدّ أن ينعكس عليهم شيء من نور إمامها الذي صنعها. ..................................... (1) مفاتيح الجنان،