قَدْ أَقْبَلَ إِلَيْكُمْ شَهْرُ اللهِ (1)
الأيام الأخيرة – قُبيل شهر رمضان- هي أيام تخطيط وتهيئة واستعداد؛ فالشهر آتٍ بذخائر عظيمة من مغفرة وعفو ورحمة وعتق من النار، ونيل هذه الذخائر يتطلّب روحاً طاهرة، وقلباً نقياً من كلّ الملوّثات التي تحرم الإنسان من المواهب الإلهية، والإمام الرضا(عليه السلام) يقدّم برنامج عمل يحقّق للإنسان الاستقبال الأمثل لأفضل شهر وأفضل ليلة من لياليه. عن عبد السلام بن صالح الهروي قال: دخلتُ على أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا(عليه السلام) في آخر جمعة من شعبان فقال لي: "يا أبا الصلت، إنّ شعبان قد مضى أكثره وهذا آخر جمعة منه، فتدارك فيما بقي منه تقصيرك فيما مضى منه، وعليك بالإقبال على ما يعنيك وترك ما لا يعنيك، وأكثر من الدعاء والاستغفار وتلاوة القرآن، وتُبْ إلى الله من ذنوبكَ ليقبل شهر الله عليكَ وأنت مُخلص لله(عزوجل)، ولا تدعَنَّ أمانة في عنقكَ إلّا أدّيتها، ولا في قلبك حقداً على مؤمن إلّا نزعته، ولا ذنباً أنت ترتكبه إلّا أقلعت عنه، واتّقِ الله وتوكّل عليه في سرائرك وعلانيتك"(2)، في إطار التهيؤ لاستقبال شهر رمضان المبارك ركّزت الرواية على بعض الأمور التي ينبغي للمؤمن الالتفات إليها وهي: 1. مراجعة النفس وتصحيح الأخطاء: وذلك بإعلان التوبة والأوبة إلى الله (وتُبْ إلى الله من ذنوبكَ) ليدخل شهر رمضان وأنت مخلص لله(عزوجل). 2. أداء الحقوق والأمانات المادّية منها والمعنوية: فقد ورد عن رسول الله(صل الله عليه وآله وسلم): "كُلوا الحلال يتمّ لكم صومكم"(3)، فكيف يرتجي مَن أكل حقوق الآخرين أو تعرّض لهم بالإهانة والانتقاص بغيبة أو بهتان أن تُقبل منه عبادة أو يرفع له دعاء؟! 3. تصفية القلب من الحقد والضغينة: ينبغي للمؤمن وهو يستقبل شهر الله أن يكون طاهر القلب سليم النفس ليُقبل على العبادة والدعاء والمناجاة نقياً من الأمراض النفسيّة طاهراً منها. 4. وضع برنامج عباديّ يُواظب عليه خلال الشهر الفضيل: فقد ورد عن رسول(صل الله عليه وآله وسلم): "وتصدّقوا على فقرائكم، ومَن وصلَ فيه رَحِمَه ومَن تطّوع فيهِ بصلاة ومَن أكثر فيهِ من الصلاة عليّ ومَن تلا فيهِ آية مِن القرآن"(4)، هذا البرنامج العملي سيكون منطلقاً للتغيير في حياة المؤمن بحيث يستثمر كلّ ساعاته وأيامه ولياليه بما يعود بالنفع عليه. ................................ (1) وسائل الشيعة: ج10، ص23. (2) وسائل الشيعة: ج10، ص11. (3) كنز العمال ج15، ص844. (4) وسائل الشيعة: ج10، ص23.